411

Harafish

الحرافيش

Genre-genre

فتساءل عاشور باهتمام: أتحفظون السر؟ - نحفظه من أجل عيونك!

فقال عاشور بجدية: لقد رأيت حلما عجيبا، رأيتكم تحملون النبابيت.

وقهقهوا طويلا، ثم قال رجل مشيرا إلى عاشور: هذا الرجل مجنون ولا شك؛ لذلك فإني أحبه.

43

طرق طارق باب حجرة الرحمة. كان عاشور يجالس أمه عقب العشاء متدثرين ببطانيتين اتقاء برد الشتاء القارس. وفتح عاشور الباب فرأى على ضوء المصباح وجها يعرفه، وسرعان ما هتف: أخي ضياء!

وثبت حليمة البركة وضمته إلى صدرها. ذابوا دقائق في حرارة، ثم أفاقوا فجلسوا على الشلت يتبادلون النظرات. تجلى ضياء بعباءته الغامقة ومركوبه الأخضر ولاثته المنمنمة. تجلى بادي الصحة والسعادة. وانقبض قلب عاشور وثارت هواجسه. وختمت حليمة على ظنونها بابتسامة وحنان. وخرج ضياء من الصمت القصير قائلا: ما أطول الأيام!

ثم وهو يضحك: وما أقصر الأيام!

وتمتمت حليمة البركة وقد اغرورقت عيناها: نسيتنا تماما يا ضياء.

فقال ضياء بلهجة جمعت بين التشكي في ظاهرها والظفر في أعماقها: كانت الحياة شاقة فوق ما يتصور العقل.

وآن أوان التحدث عن «الحاضر»، ولكن حليمة وعاشور أحجما بادئ الأمر عن الخوض فيه. ذكرهما المنظر بمنظر سابق لا يمحى من الذاكرة، واستحوذ عليهما قلق خفي. وقرأ ضياء أفكارهما فقال: أخيرا أخذ الله بيدنا!

Halaman tidak diketahui