364

Harafish

الحرافيش

Genre-genre

8

ويذهب فتح الباب إلى الكتاب ويجيء. يرى جده عاشور في كل مكان. إنه ينبض في قلبه وخياله، ويشتعل في أشواقه وآماله. يراه في الزاوية والسبيل والحوض، يراه في الممر وفي الساحة أمام التكية. طالما نظرت عيناه إلى هذا السور العتيق، إلى هذا الباب المغلق، إلى أشجار التوت الفارغة، كما ينظر هو إليها الآن. ما زال الجو مخضلا بأنفاسه ونجواه، ورغائبه وأحلامه، وسره مطوي في الغيب لا تكشفه هذه الأشعة السائلة. حتما سيجيء ذات يوم. هكذا تكلمت جدته الصادقة. سيلوح بعصاه العجراء فيتلاشى سماحة ذو الوجه القبيح. يتلاشى بظلمه الأسود وجشعه الأحمر وماله المكتنز. ويهلل الحرافيش ليوم الخلاص ويسبحون في بحر النور. وتتقوض مئذنة الجنون فتتراكم أنقاضها فوق الغدر والخيانة والسفه. أم إنه يتجاهلنا لتهاوننا مع الظالم حقا؟ إنه يحب جده، ‏يود أن يحظى برضاه. ولكن من أين له القوة وقد خلق رقيقا كالخيال؟ من أين له القوة؟!

9

ولما ناهز فتح الباب المراهقة فكرت سحر بمستقبله، وشاورت عم مجاهد إبراهيم شيخ الحارة فقال لها: اختاري له حرفة.

فقالت باعتزاز: إنه من خيرة من تعلم في الكتاب.

فسألها الرجل: ألست داية فردوس هانم!

فأجابت بالإيجاب، فقال لها: حدثيها بشأنه، ومن ناحيتي سأمهد له عند المعلم سماحة.

10

وقالت سحر لفردوس هانم: فتح الباب ولد ممتاز، وهو من دمكم، وأولى الناس بالعمل في محل أخيه.

ورحبت الهانم بذلك ووعدت بإقناع زوجها.

Halaman tidak diketahui