39
مضى أسبوع في إثر أسبوع. تتابعت الأيام بلا مبالاة. شغل الناس بالشمس والليل والنهار والطعام. أيقنوا أن المعلم قرة لن يرجع إلى حارته.
40
أصرت عزيزة على مصارعة النسيان واللامبالاة. غياب قرة كارثة يتجدد وقوعها في قلبها كل صباح. وهي تتمزق بالحزن والغضب. تأبى أن تصدق أن سنن الكون يمكن أن تتبدل بغتة في لحظة من الزمان. ومن شدة الانفعال أجهضت فرقدت مريضة أسبوعا. واستدعت وحيد وقالت له: لن أسكت، لن أهمد، ولو مضى العمر كله على ذلك!
فقال وحيد: إنك لا تدركين حزني يا ست عزيزة، إنه لعار أن يقع ذلك لشقيق فتوة! - لن أسكت ولن أهمد. - لم يعد لأحد من رجالي من مهمة مقدمة على البحث والتحري، استعنت أيضا بأصدقاء من الفتوات.
وتمهل قليلا، ثم قال: ذهبت إلى أمي في بولاق، إنها اليوم ضريرة، وذهبت معي إلى فتوة بولاق، الدنيا كلها تبحث عن قرة!
41
من ناحية أخرى زار أبوها إسماعيل البنان مأمور القسم فوعده الرجل بتقديم كل مساعدة ممكنة. وجعل أبوها يشجعها ويواسيها، ولكنها قالت له: كأن قلبي يعرف السر.
وقرأ أبوها خواطرها فقلق وقال: إياك وسوء الظن بالأبرياء! - الأبرياء! - أصغي إلي، اضبطي لسانك. - لا أعداء لنا سواهما. - قطاع الطريق أعداء كل إنسان. - لا أعداء لنا سواهما. - لا دليل لديك إلا سوء ظنك القديم.
فقالت بإصرار: لن أهمد ولو مضى العمر كله على ذلك.
Halaman tidak diketahui