فقطب زين الناطوري متفكرا، ثم قال: آمل فيمن هو خير منه! - طال الانتظار، وكلما جاء عريس لإحدى أخواتها رفضته إكراما لسنها، فقال باستياء: لو كانت من لحمك ودمك ما قلت ذلك. - أصبحت عقبة في سبيل بناتي، وهي في الخامسة والعشرين ولا جمال لها، وطباعها تسوء يوما بعد يوم.
فكرر عابسا: لو كانت من لحمك ودمك ما قلت ذلك. - ألا يكفي أنك تثق به؟ وأنت في حاجة إلى من تثق به في كبرك. - وزينب؟ - ستفرح، أنقذها من يأسها.
11
سمع عاشور المعلم زين يناديه من المنظرة. ولما ذهب إليه أفسح له مكانا إلى جانبه على الأريكة الخشبية المفروشة بفروة خروف. تردد عاشور، ثم جلس. عند ذاك سأله المعلم برقة: ألا تفكر يا عاشور في ضمان نصف دينك؟
12
الفرحة والنور. عندما يصير الحلم نعمة تشدو في الأذن والقلب. عندما تشرق وجوه العباد بضياء السماح، وحتى الحشرات تمسك عن ارتكاب الأذى.
ذهب عاشور إلى حمام السلطان فأزال الشعر والعرق، مشط شعره وهذب شاربه، تطيب بالجلاب، ونظف أسنانه بالسواك، رفل في جلباب أبيض ومركوب فصل خاصة لقدميه الضخمتين.
احتفل بزفاف مناسب في بيت الناطوري، ثم أقام العروسان في بدروم مكون من حجرة ودهليز يقع أمام بيت الناطوري. واندلق عاشور في الحب حتى قمة رأسه، وكان بعض أهل الفجور عقب انطلاقهم من الغرز في النصف الثاني من الليل يقرفصون في الظلام لصق شباك البدروم يتنصتون ويحلمون.
وأنجب مع الأيام حسب الله ورزق الله وهبة الله. وفي أثناء ذلك توفي المعلم زين وزوجه، وتزوجت البنات.
تمتع عاشور بحياة زوجية سعيدة. ظل يعمل مكاريا وأصبح مالكا للحمار الذي وهبه إياه الناطوري ليلة زفافه. وعملت زينب من ناحيتها بتربية الدجاج وبيع البيض، فتيسرت المعيشة وفاح الدهليز برائحة التقلية.
Halaman tidak diketahui