178

Harafish

الحرافيش

Genre-genre

تابع سماحة سيرة العجوز وهو يتذكر جدته سنية هانم السمري التي هربت مع سقاء في سن ابنها، وتساءل بحزن ترى أين تقيم؟ وماذا فعل الزمان بها؟ وماذا فعل بأبيه بكر؟ وكم ينطوي الماضي على مخاز وأحزان!

31

وجاء الصيف زافرا أنفاسه الحارة. إنه يحب ضياءه، لا يضيق بلفحاته، ويستعذب أماسيه الرقيقة، ويعشق الملوخية والبامية والبطيخ والشمام، ويستبشر بالاستحمام كل شروق.

وأنجبت محاسن ذكرا. وسر الرجل به سرورا فخورا. ود لو يسميه شمس الدين، ولكنه خاف الاسم كأنما سيزيح عنه الأمان، فوافق على الاسم الذي اختارته محاسن، رمانة، اسم أبيها.

وتضاعف نجاحه وثراؤه، وحول ساعدي محاسن تكاثرت الأساور الذهبية، وبدا وجه الحياة بساما. ويوما بعد يوم سجل في دفتره السري جريان الزمان البطيء. وعند كل مرة يتذكر حبل المشنقة، ويتساءل هل تكتب له النجاة حقا؟ ويتذكر أهله، وأهل حارته، ترى ماذا فعل الزمان بهم؟ ويتذكر أعداءه، الفللي ودجلة وعنتر وحمودة القواد، هل يقف فوق رءوسهم يوما وقفة المنتصر؟ هل يعيد إلى حارته عهد الناجي؟ هل يرجع إلى سماع الأناشيد؟

32

وبعد رمانة أنجبت محاسن قرة ووحيد. استوى بدر وجيها من وجهاء الحارة ومحسنا من رجالها الطيبين. أصبحت له منزلة خاصة عند المساكين.

ولم تتخل محاسن عن عنايتها التقليدية بجمالها ونظافتها. لم تشغلها الأمومة عن الأنوثة وحب الحب. وإلى ذلك ولعت بالحشيش حتى صار مزاجا ملازما. جربته أول الأمر على سبيل المشاركة العابثة مع زوجها الذي يدخنه في بيته كل ليلة. خرت بعد ذلك بين أنامله الناعمة الشرهة وهامت به.

ومرت الأيام وتعاقبت الأعوام حتى أمن الرجل إلى مصيره، وانجلت عنه المخاوف أو كادت.

33

Halaman tidak diketahui