Kebenaran Lubnan: Pemikiran dan Percakapan
الحقيقة اللبنانية: خواطر وأحاديث
Genre-genre
لو كنت أخوض المعركة الانتخابية، ولا هم لي إلا أن أصل إلى المجلس النيابي، فأستلم الكرسي بشوق ولهفة، وأرتاح نائما على الثقة، ثم أغط في النوم مع زملائي الكرام، لقلت لكم منذ الآن: «شكرا، شكرا! إن عطفكم وتأييدكم ومناصرتكم تكفيني؛ بل هي فوق الكفاية.» عبارة من عبارات اللياقة والامتنان وعرفان الجميل. لكن لا، لن أقولها، وليؤذن لي أن لا أشكركم!
أنتم تعلمون - وأنا أيضا أعلم، وإلا كنت متهما في فهمي - أن هذه المظاهر الصغرى اللطيفة، والكبرى الرائعة، تتجاوز كل الأشخاص ولا سيما شخصي، إلى المبادئ والقيم التي كنا، ولا نزال، نناضل من أجلها في مختلف الميادين. أنا أعرف ما ينتظرني؛ تريدون أن نحمل هذا النضال إلى ميدان جديد هو البرلمان اللبناني الذي كان - والحق يقال - تخيم عليه في الأغلب سكينة مشبوهة، فلا يرتفع بعض الضجة إلا حينما يؤمرون بالانصراف، كالتلاميذ الخارجين من الصف، ثم يتفرقون ... يتفرقون متواعدين إلى المجلس المقبل. وبالفعل ليس يتخلف منهم أحد إلا لموانع قاهرة، كأن يأتيهم هادم اللذات ومفرق الجماعات، وسبحان الحي الذي لا يموت.
سيكون لكم، أيها الإخوان، ما أردتم. هذا النضال لأجل المبادئ التي تجعل للحياة قيمة، بل التي لا قيمة للحياة بدونها، سنحمله إلى مجلسكم النيابي. لقد أثبتت هذه الحرب أن النصر يكون حيث تكون المؤخرة والجبهة معسكرا واحدا، يناضل في معركة واحدة، ويرمي إلى هدف واحد. وقد آن لنا أن نجعل من الشعب اللبناني ومن مجلسه النيابي، معسكرا واحدا يناضل في معركة واحدة، ويرمي إلى هدف واحد. أما أن يظل الشعب اللبناني في جهة، بآلامه وآماله، ومشاغله ومطامحه، ومجلسه النيابي في جهة ثانية، ينعقد كمجالس الإدارة لشركات المساهمة، فذلك ما لن يكون.
أيها الإخوان! إن البرنامج الذي أتقدم به إلى جمهرة الناخبين بسيط جدا، واضح جدا، متواضع جدا؛ إنه يتألف من أحد عشر بندا، قد لا تخرج في محتواها - إلا بعض الشيء - عما تلوح به أكثر البرامج الانتخابية. إنه يعد بتوطيد الاستقلال الصحيح، وبتأمين الحريات الديمقراطية على أنواعها، وبتوثيق روابط الإخاء بين جميع المواطنين على اختلاف طوائفهم وأديانهم، والروابط الاقتصادية والثقافية بين لبنان وسائر الأقطار العربية، وبتشجيع الاقتصاد الوطني وحمايته في مختلف فروعه من تجارة وزراعة وصناعة، وبإصلاح التنظيم المالي، وبسن تشريع للعمل مستمد من روح العدل الاجتماعي والتضامن القومي، ثم يستمر إلى آخر حلقات السلسلة. هو ككل برنامج محترم يعد كثيرا، أعني يأتي البيوت من أبوابها. إنه البرنامج الذي لم يتغير ولم يتبدل منذ عشرات السنين، منذ وجد الدستور اللبناني؛ لسبب واحد هو أنه لم ينفذ. يظهر، أيها الإخوان، أن البرامج كانت دائما أفضل من النواب الذين يحملونها، فأرجو أن توفقوا هذه المرة إلى نواب يكونون أفضل من البرامج التي تحملهم، نواب يكون برنامجهم الانتخابي برنامج حياتهم، نواب يقولون، ساعة تقرير المصير، كلمة الشعب اللبناني الطامح إلى الحرية والاستقلال والسعادة، لا يهمسون بها همسا؛ بل يهتفون بها هتافا.
إن البرنامج الذي أتقدم به إليكم، يتألف من أحد عشر بندا، كلها عزيز علي، حبيب إلى نفسي؛ كالأولاد ليس يؤثر الأب أحدهم على الآخر، بعطفه وإشفاقه وعنايته، لكن لا أجد بدا من الاعتراف بأن لي نظرة خاصة إلى البند الرابع من بنوده: «توثيق روابط الإخاء بين جميع المواطنين على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وأجناسهم، بروح العدل والمساواة والتضامن القومي.» فكثيرا ما أرجع إلى هذا البند، حتى ليسبق نظري إليه دون غيره. إن آفة لبنان هو الاستغلال بأنواعه، وشر هذه الأنواع إيقاع التفرقة - ثم استغلالها - بين أبنائه الذين أجمعوا على إرادة واحدة، هي إرادة العيش في ظلال هذا الوطن، بحرية وعدل وتضامن. لقد عزز هذا اليقين في نفوسنا، الاجتماعات الكثيرة التي عقدناها، والتي كانت تضم الوطنيين الصادقين الواعين، من كل مذهب ودين.
إن العالم مشغول بحل مشاكله العظمى، ونحن ما زلنا منهمكين في حل مشكلة ابتدائية حيوية، كدت أقول: حيوانية. ليس بكاف، كلما رأينا البيت يحترق، أن نهب جميعا لإخماد النار، يجب أن نمنع أسباب الحريق، وأن نبعد عن البيت المحرقين. لنقل بصراحة: لا يمكن أن يكون لبنان وطنا مسيحيا، ولا وطنا إسلاميا، لا يمكن أن يكون وطنا لأي دين من الأديان، أو مذهب من المذاهب، لا يصح أن يكون لبنان إلا وطنا لجميع اللبنانيين على السواء.
إن وعد الحر دين، إن وعد الأحرار دين. في العام الماضي، احتفلنا أكثر من مرة، وفي أكثر من بلد ؛ لانتصار الحلفاء في أفريقيا، ذلك الانتصار الذي انتهى بتطهير القارة السمراء من رجس المحور. وقد تخيلنا عامئذ لضرورة الموقف، سائلا يسألنا، وهو ضائق ذرعا باحتفالنا المستمر الملحاح، سائلا يسأل: أما لهذا الاحتفال حد؟ كما يتساءل المغني الذي يردد، من أول الليل حتى ساعة متأخرة منه، الدور المشهور: «أما لهذا الليل آخر؟» والحق أن ذلك السائل لم يكن واحدا، كما أنه ليس خياليا بهذا المقدار؛ لذلك أجبناهم عن سؤالهم قائلين: سنظل نحتفل للنصر الأفريقي ونحتفل، حتى يرزق الحلفاء نصرا جديدا، أو تفتح الجبهة الثانية مثلا. حينئذ، وحينئذ فقط، نكف عن الاحتفال لذلك النصر؛ كي نفرغ للاحتفال للنصر الجديد، أو لفتح الجبهة الثانية.
إن وعد الحر دين. وها نحن أولاء، ننجز الآن وعدنا، نفي ديننا، فنعلن على رءوس الأشهاد أننا عدلنا عن الاحتفال لذلك النصر الأفريقي، فهو تاريخ قديم؛ كي ننصرف بكليتنا إلى الاحتفال لهذا النصر الجديد، الذي يحرزه الجيش الأحمر في الشرق، والجيوش الحليفة في الغرب، والذي سينتهي عما قليل، بتطهير الأراضي السوفييتية، والأرض الفرنسية، وأوروبا بأسرها، من آفة النازية، وكل آت قريب.
يقولون إن النازية لم يبق عندها شك في فشلها المتحتم، لكنها تود أن تكسب ما أمكن من الوقت. نحن إذن متفقون أن الانحدار متحتم، لكن المسألة مسألة وقت، سوى أن الوقت كان يمشي في ركاب الأمم المتحدة، كان في خدمتها؛ بالأمس كان هتلر يمني نفسه بالنصر الصاعق، وها هو اليوم يعزي نفسه بالانهزام البطيء. (لا يجوز الحكم على هذه الحرب بما يحدث من تطورات بين عشية وضحاها؛ إذ لا يمكن أن يكون للانتصارات أو للهزائم الموقتة أهمية حاسمة، بالنسبة إلى حرب لها هذا المجال العالمي و«التاريخي» الواسع ...)
يخيل إلينا، أول وهلة، أن هذه الكلمة قيلت منذ ثلاث أو أربع سنوات، وأن الذي قالها هو أحد قادة الأمم المتحدة التي لم تكن على تمام الأهبة المادية والمعنوية، أو التي أخذت على حين غرة. لكن لا، إن هتلر هو الذي قالها منذ بضعة أيام: لهذه الحرب مجال عالمي وتاريخي واسع ... ليؤذن لي هذه المرة، أن لا أرسل نفسي على سجيتها، فأتمثل هتلر، وقد فتحت عليه الجبهة الثانية في الغرب، يتعزى أو يتسلى بفتح جبهته الثانية في ... التاريخ. كلا، إن لكلمته معنى آخر هو جدير بالروية، الروية التي كنا ولم نزل ندعو إليها بني قومنا. إن ما يعنيه هتلر هنا يهمنا بالدرجة الأولى، ولا يصح أن نغفل عنه طرفة عين.
Halaman tidak diketahui