وقال الهادي إلى الحق عليه السلام في كتاب المسترشد: (فلما أن وجدت العقول والحواس أجساما مثلها، مصورات في الخلق كتصويرها، وأعراضا لا تقوم إلا بغيرها، استدللت على الفاعل بفعله) فدل كلامه هذا على أن العقول والحواس تدرك الأجسام والأعراض؛ لأنه عطف الأعراض على الأجسام بواو النسق، وإعرابها إعرابها. وقوله: (أجساما مثلها مصورات في الخلق كتصويرها) يريد أنها مثلها في الحدث؛ لأنه احتج على أهل التشبيه بأن العقول والحواس لا تقع إلا على مثلها في الحدث، ولم يرد أنها أجسام مثلها؛ ولأن العقل غير الجسم.
وقد بين في المسترشد وفي مسائل الرازي أن العقل ليس بجسم، وكذلك في الأحكام قال: (والنوم المزيل للعقل ينقض الطهارة) فصح أنه عنى به العرض؛ لأن القلب لا يزول بالنوم، فثبت أنه أراد أنها مثلها في الحدث لا أنها جسم.
وأما قوله: (مصورات في الخلق كتصويرها)، فهو يريد به الأجسام خاصة، ثم عطف العرض على الأجسام بأنها مدركة، وأنها مثلها في الحدث لا أنها جسم. ويوضح صحة ما ذهبنا إليه قول أمير المؤمنين عليه السلام في الدرة اليتيمة قال: (لأن الصفة على نفسها تدل وفي مثلها تحل).
قوله عليه السلام: (وفي مثلها) يريد في الحدث لا أنها مثل الجسم في الجسمية. وقوله: (تحل) يدل على أن الأعراض تحل (الأجسام).
Halaman 126