ويدل على رؤية الألوان قول القاسم بن إبراهيم عليهما السلام في المسترشد في الرد على من زعم أن الله يرى يوم القيامة: (ويقال لهم: هل يدرك البصر إلا لونا، أو شخصا؟) وكررنا القول برؤية اللون مرارا، وإجماع الأمة أيضا (يحجهم). وقال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته التي وصف فيها الطاووس: وإذا تصفحت شعرة من شعره أرتك حمرة وردية، وتارة خضرة زبرجدية، وأحيانا (أرتك) صفرة عسجدية. وقال عليه السلام في خطبة التوحيد: وكل سميع غيره يخفى عنه غميض الأصوات، ويصمه كثيرها، ويذهب عنه ما بعد منها، وكل بصير غيره، يعمى عنه خفي الألوان ولطيف الأجسام.
وأجمعت الأمة على رؤية الألوان إلا من نفى الأعراض أصلا، وهو هشام بن الحكم، وأبو بكر الأصم، فإنها عندهم أجسام، ولا ينكرون رؤيتها.
واختلف أهل الكلام في لون الماء. فقال قوم: لونه أبيض. وقال قوم: لونه أسود. وقال قوم: ليس له لون، وهو يتلون مع الأشياء.
واستدل من قال: (هو يتلون مع الأشياء) أنه إذا جعل في أجانة خضراء رؤي أخضر، وإذا كان في بيضاء رؤي أبيض وأشباه ذلك.
وقال من زعم أن لونه أسود: إنه لما رؤي الكثير منه أسود، كالذي يكون في الغدير العظيم، والبحر، والبئر العميقة، علم أن لونه أسود.
واستدل من يقول: (إن لونه أبيض) بأنه إذا رمي به في الهواء أنه يرى أبيض. فلما كان كل هؤلاء لا يستدلون عليه إلا بالنظر علم أنه مرئي.
Halaman 124