Fakta Islam dan Kesesatan Lawannya
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Genre-genre
ويسمون المفسر «بروفيت»
؛ أي المتكلم بالنيابة عن غيره، ومن هذه الكلمة نقل الأوروبيون كلمة النبوة بجميع معانيها، وقلما يتفق الكهنة والمجذوبون إلا أن يكون الكاهن متوليا للتفسير والتعبير عن مقاصد المجذوب ومضامين رموزه وإشاراته. ويحدث في أكثر الأحيان أن يختلفا ويتنازعا؛ لأنهما مختلفان بوظيفتهما الاجتماعية مختلفان بطبيعة النشأة والبيئة؛ فالمجذوب ثائر لا يتقيد بالمراسم والأوضاع المصطلح عليها، والكاهن محافظ يتلقى علمه الموروث في أكثر الأحيان من آبائه وأجداده، وتتوقف الكهانة على البيئة التي تنشأ فيها الهياكل والصوامع المقصودة في الأرجاء القريبة والبعيدة، ولا يتوقف الجذب على هذه البيئة؛ لأنه قد يعتري صاحبه في البرية كما يعتريه في الحاضر المقصود من أطراف البلاد.
والمقارنة بين النبوة الإسلامية وبين النبوءات التي شاعت في تاريخ العبريين تغنينا عن تعميم المقارنة في عامة الديانات التي سبقت ظهور الإسلام؛ لأن العبريين قد آمنوا بهذه النبوات جميعا، وبينهم ظهرت الديانة الموسوية التي كانت أولى الديانات الكتابية ومرجع المقارنة في مسائل النبوة وشعائر العقيدة التي تدور عليها المقارنة بين عبادات أهل الكتاب.
وقد عرفت قبائل العبريين نبوءات السحر والكهانة والتنجيم كما عرفتها الشعوب البدائية، وابتكرت منها ما ابتكرت على سنة الشعوب كافة، واقتبست منها ما اقتبست بعد اتصالها بجيرانها في المقام من أهل البادية أو أهل الحاضرة، ولكنها على خلاف الشائع بين المقلدين من الكتاب الغربيين قد تعلمت النبوة الإلهية بلفظها ومعناها من شعوب العرب، ولم تكن لهذه الكلمة عند العبريين لفظة تؤديها قبل وفودها على أرض كنعان ومجاورتهم للعرب المقيمين في أرض مدين؛ فكانوا يسمون النبي بالرائي أو الناظر أو رجل الله، ولم يطلقوا عليه اسم النبي إلا بعد معرفتهم بأربعة من أنبياء العرب المذكورين في التوراة، وهم ملكي صادق وأيوب وبلعام وشعيب الذي يسمونه «يثرون» معلم موسى الكليم، ويرجح بعضهم أنه الخضر عليه السلام للمشابهة بين لفظ يثرون وخثرون وخضر في مخارج الحروف، ولما ورد من أخبار الكليم مع الخضر عليهما السلام في تفسير القرآن الكريم.
ومن علماء الأديان الغربيين الذين ذهبوا إلى اقتباس العبريين كلمة النبوة من العرب الأستاذ هولشر
Holscher
والأستاذ شميدث
Schmidt ، اللذان يرجحان أن الكلمة دخلت في اللغة العبرية بعد وفود القوم على فلسطين. إلا أن الأمر غني عن الخبط فيه بالظنون مع المستشرقين؛ من يفقه منهم اللغة العربية ومن لا يفقه منها غير الأشباح والخيالات، فإن وفرة الكلمات التي لا تلتبس بمعنى النبوة في اللغة العربية كالعرافة، والكهانة، والعيافة، والزجر، والرؤية، تغنيها عن اتخاذ كلمة واحدة للرائي وللنبي. وتاريخ النبوات العربية التي وردت في التوراة سابق لاتخاذ العبريين كلمة النبي بدلا من كلمة الرائي والناظر، وتلمذة موسى لنبي «مدين» مذكورة في التوراة قبل سائر النبوات الإسرائيلية، وموسى الكليم - ولا ريب - رائد النبوة الكبرى بين بني إسرائيل. •••
والمطلع على الكتب المأثورة بين بني إسرائيل يتبين منها أنهم آمنوا بهذه النبوات جميعا، وأنهم بعد ارتقائهم إلى الإيمان بالنبوة الإلهية ما زالوا يخلطون بين مطالب السحر والتنجيم ومطالب الهداية، ويجعلون الاطلاع على المغيبات امتحانا لصدق النبي في دعواه أصدق وألزم من كل امتحان، ولم يرتفع بأكبر أنبيائهم ورسلهم عن مطلب الاتجار بالكشف عن المغيبات والاشتغال في التنجيم.
ففي أخبار صموئيل أنهم كانوا يقصدونه ليدلهم على مكان الماشية الضائعة وينقدونه أجره على ردها ... «خذ معك واحدا من الغلمان وقم اذهب فتش عن الأتن. فقال شاول للغلام: فماذا نقدم للرجل؟ لأن الخبز قد نفد من أوعيتنا، وليس من هدية نقدمها لرجل الله، ماذا معنا؟ فعاد الغلام يقول: هو ذا يوجد بيدي ربع شاقل فضة.»
Halaman tidak diketahui