Fakta Islam dan Kesesatan Lawannya
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Genre-genre
وقديما قال أفلاطون وأصاب فيما قال: «إن الزمان محاكاة للأبد ... لأنه مخلوق، والأبد غير مخلوق.»
فبقاء المخلوقات بقاء في الزمن، وبقاء الخالق بقاء أبدي سرمدي لا يحده الماضي والحاضر والمستقبل؛ لأنها كلها من حدود الحركة والانتقال في تصور أبناء الفناء، ولا تجوز في حق الخالق السرمدي حركة ولا انتقال.
فالله هو
الحي الذي لا يموت (الفرقان: 58)،
وهو الذي يحيي ويميت (المؤمنون: 80)،
كل شيء هالك إلا وجهه (القصص: 88).
1
وأيا كان المرتقى الذي ارتفع إليه تنزيه الفكرة الإلهية في مذهب أرسطو كما شرحناه بعض الشرح، أو مذهب أستاذه أفلاطون كما أومأنا إليه بعض الإيماء؛ فهذا التنزيه الفلسفي قمة منبتة عن البيئة التي عاش فيها الفيلسوفان، ويكاد هذا التنزيه الفلسفي أن يكون خيالا جامحا بالنسبة إلى العقائد الإلهية التي كانت فاشية بين الكهان والمتعبدين من أبناء اليونان.
فلا شك أن صورة «زيوس» رب الأرباب عندهم كانت أقرب إلى صورة الشيطان منها إلى صورة الأرباب المنزهين، ولو لم يبلغ وصف التنزيه عندهم نصيبا ملحوظا من الكمال.
كان «زيوس» حقودا لدودا مشغولا بشهوات الطعام والغرام، لا يبالي من شئون الأرباب والمخلوقات إلا ما يعينه على حفظ سلطانه والتمادي في طغيانه، وكان يغضب على «أسقولاب» إله الطب؛ لأنه يداوي المرضى فيحرمه جباية الضريبة على أرواح الموتى الذين ينتقلون من ظهر الأرض إلى باطن الهاوية، وكان يغضب على «برومثيوس» إله المعرفة والصناعة؛ لأنه يعلم الإنسان أن يستخدم النار في الصناعة وأن يتخذ من المعرفة قوة تضارع قوة الأرباب، وقد حكم عليه بالعقاب الدائم فلم يقنع بموته ولا بإقصائه عن حظيرة الآلهة، بل تفنن في اختراع ألوان العذاب له فقيده إلى جبل سحيق، وأرسل عليه جوارح الطير تنهش كبده طوال النهار حتى إذا جن الليل عادت سليمة في بدنه لتعود الجوارح إلى نهشها بعد مطلع الشمس ... ولا يزال هكذا دواليك في العذاب الدائم مردود الشفاعة مرفوض الدعاء. ومما رواه الشاعر الفيلسوف «هزيود» عن علة غضب الإله على «برومثيوس» أنه قسم له نصيبه من الطعام في وليمة الأرباب فأكثر فيه من العظام، وأقل فيه من اللحوم والشحوم؛ فاعتقد «زيوس» أنه يتعالم عليه بمعرفته وفطنته؛ لأنه اشتهر بين الآلهة بمعرفة وافرة وفطنة نافذة لم يشتهر بها الإله الكبير. ولا يغيب عنا - ونحن نروي أخبار الإله الكبير منقولة عن «هزيود» - أن هذا الشاعر الفيلسوف قد اجتهد قصارى اجتهاده في تنزيه «زيوس»، وتصويره للناس في صورة من القداسة والعظمة تناسب صورة الإله المعبود بعد ارتقاء العبادة شيئا ما في ديانة اليونان الأقدمين.
Halaman tidak diketahui