Fakta Islam dan Kesesatan Lawannya
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Genre-genre
ففي كل سنة يستحق المعوزون المفتقرون إلى المعونة جزءا من أربعين جزءا من رءوس الأموال في الأمة، أو جزءا من عشرة أجزاء من ثمرات الزراعة وما إليها، وهو مقدار من الثروة العامة لا يخصص مقدار مثله في الأمم الحديثة التي تقررت فيها حصة من موارد الدولة للإنفاق على العجزة والشيوخ، ومن يستحقون العون لغير تفريط أو تقصير.
ومن الآيات المتقدمة نعلم أن المستحقين للزكاة ثمانية أصناف هم: (1) الفقراء، وهم الذين يملكون شيئا دون نصاب الزكاة ويستنفدونه في حاجاتهم وضروراتهم، و(2) المساكين، وهم الذين لا يملكون شيئا، و(3) عمال الزكاة، وهم موظفو الدولة الذين يحصلونها أو يوزعونها، و(4) المؤلفة قلوبهم، وهم المسلمون حديثو العهد بالإسلام ممن تخشى عليهم الفتنة أو الكفر يستألفهم الإسلام ولا يعملون ما يؤذي المسلمين، و(5) الأرقاء الذين يفتدون من الأسر بالمال، و(6) المكنوبون بالمغارم، و(7) المجاهدون الذين يحتاجون إلى النفقة، و(8) الغرباء المنقطعون عمن يعولهم، وكل من هو في حكم هؤلاء اضطرارا إلى رعاية المجتمع وعجزا عن ولاية أمره بنفسه. •••
ولم يقصد الإسلام بفريضة الزكاة أن يجعلها حلا لمشكلة الفقر في المجتمعات الإنسانية؛ فإنما تحل مشكلة الفقر في المجتمع الإسلامي بالعمل والسعي في طلب الرزق يتعاون على تدبير وسائلهما ولاة الأمر وطلاب الأعمال، ويحاسب الإمام على التواني في هذه المهمة كما يحاسب على التواني في سائر مصالح الرعية. ولا شك أن الإسلام قد صنع في حل مشكلة الفقر من أساسها صنيعه الذي لم يسبقه إليه دين من الأديان الكتابية أو أديان الحضارات الغابرة؛ فإنه مسح عن الفقر قداسته التي جللته بها عبادات الأمم، وأحاطته بها في الصوامع والبيع والمحاريب المنقطعة عن العمران، ومسح عنه تلك القداسة من جذورها حين أنكر تعذيب الجسد وحرمانه، وحين رفع عن الجسد مسبة الدنس والنجاسة المتأصلة في دخيلة التكوين؛ فأوجب على المسلم أن ينعم بطيبات الرزق، وأنكر عليه أن يحرم مما أحل الله من تلك الطيبات التي لا تقف عند حدود الضروريات، بل تتخطاها إلى الزينة والجمال. ومن استهان بأثر هذه النظرة السليمة إلى الفقر، فليتخيل كيف كانت مشكلة الفقر تساس للعلاج بين أناس ينظرون إليه نظرة التقديس، وينظرون إلى متاع الجسد نظرة الزراية والتدنيس! وليتخيل الفارق البعيد بين مجتمع يعمل على تعظيم الفقر واعتبار العمل في طلب الرزق غلطا تبتلى به الروح من غواية الجسم المرذول، وبين مجتمع يعمل على إيجاب السعي ويلوم أبناءه على تحريم الطيبات والزهد في الدنيا، ويؤاخذ الإنسان إذا مد يده بالسؤال وعنده قوت يكفيه مؤنة السؤال.
إن الإسلام قد جاء بالوسيلة التي لا غنى عنها في مكافحة الفقر وحل مشكلته يوم جعله ضرورة لا تباح للمسلم إلا كما تباح الضرورات التي لا حيلة فيها ولا اختيار معها. وإنما فرض الزكاة لمن أصابتهم تلك الضرورات وأقعدتهم عن السعي، واستنفدوا - مع المجتمع - كل حيلة في تدبير العمل المستطاع. ومن لم يكن منهم مستطيعا عملا بتدبير من الإمام أو بتدبير من نفسه فهو مكفول الرزق بما تجبيه الدولة من حصة الزكاة حقا معلوما يتقاضونه من الإمام ولا هوادة فيه.
وليست حصة الزكاة بالقدر الصغير عند المقارنة بينها وبين الحصة التي تخصص من ثروة الأمة في المجتمعات الحديثة للإنفاق على العجزة والشيوخ والمنقطعين عمن يعولهم؛ فإنها - كما هو معلوم - تضارع جزءا من أربعين جزءا من ثروة الأمة في كل سنة، أو تضارع عشر الثمرات الزراعية وما إليها، وليس في مجتمع من المجتمعات - حتى الشيوعية منها - من يزيد على هذا القدر في الإنفاق على ذوي الحاجات من العجزة والشيوخ. إلا أن الإسلام مع هذا لم يقصر الإحسان على فريضة الزكاة، ولا أسقط على القادرين واجب الغوث لمن يعرفونهم ويقدرون على إمدادهم بما يعينهم على شدائدهم؛ إذ ليست الزكاة هي كل ما يصنعه المحسنون القادرون على الإحسان، ولكنها هي الإحسان الذي تفرضه الدولة، وتستخلصه من المفروض عليهم عنوة إن لم يؤدوه طواعية في موعده المعلوم.
وإذا انفصلت مشكلة الفقر ومشكلة الطبقات على هذا النحو، فالعاطلون كلهم في كفالة المجتمع، والطبقات كلها عاملة منتجة تنحل مشكلتها بتصحيح أوضاعها وتوطيد هذه الأوضاع على نظام عادل في مجتمع سليم.
وآخر الحلول التي أسفرت عنها تجارب القرون المتطاولة في مشكلة حرب الطبقات أن هذه المشكلة لا تزال بإزالة الطبقات، بل بإزالة الحرب بينها، وإن هذه الحرب تمنع كلما تقاربت الفجوة الواسعة بين الطبقات، فلا إفراط في الغنى ولا إفراط في الفقر، ولا سبيل لفريق منها أن يجوز على فريق سواه، وقد ابتدع خبراء الصناعة والاقتصاد في العصر الأخير وسيلة للتقارب بين ذوي الأموال وطوائف الصناع والعمال أن يشتركوا في المصلحة الكبرى متعاونين عليها مساهمين فيها، إما بتوزيع الحصص على تفاوت مقاديرها، وإما بتعميم المرافق التعاونية التي تتلاقى فيها منافع المنتجين والمستنفدين وأرباح البائعين والشراة.
وليس في هذا الحل شرط من شروطه لا تيسره تعاليم الإسلام ووصاياه، فإن التعاون أدب من آدابه يأمر به الناس جميعا، وتندب للتنبيه إليه أمة تتواصى بالمعروف وتتناهى عن المنكر:
وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (المائدة: 2)،
وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر (العصر : 3). •••
Halaman tidak diketahui