Hamayan Zad
هميان الزاد إلى دار المعاد
وقال الفراء ليس عرفات جمع عرفة، بل اسم منزل بصيغة الجمع وهو علم للبقعة وعرفة اسم لليوم وليس كونه اسما للموضع بعربى محض انتهى. ويدل له ما قال الضحاك إن آدم لما أهبط وقع بالهند وحواء وقعت بجدة، فجعل كل واحد منهما يطلب صاحبه فاجتمعا بعرفات فى يوم عرفة فتعارفا، فسمى اليوم عرفة، والموضع عرفات، وما روى عن عطاء كان جبريل يرى إبراهيم المناسك ويقول له عرفت؟ فيقول عرفت فسمى المكان عرفات، واليوم عرفة، وعن السدى أن إبراهيم لما أذن فى الناس بالحج وأجابوه بالتلبية، وأبى من أبى، أمره الله تعالى أن يخرج إلى عرفات ونعتها له، فلما بلغ الجمرة استقبله الشيطان يرده فرماه بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، فطار فوقع على الجمرة الثانية، ورماه وكبر، فطار ووقع على الجمرة الثالثة، ورماه وكبر، فطار، فلما رآه الشيطان أنه لا يطيعه ذهب، فانطلق إبراهيم حتى أتى ذا المجاز، فنظر إليه فلم يعرفه، ثم انطلق حتى وقف بعرفات فعرفها بالنعت، فسمى الوقت عرفة، والموضع عرفات، حتى إذا أمسى ازدلف إلى جمع فسمى المزدلفة، فسمى ذلك الموضع المزدلفة، وما روى عن ابن عباس أن إبراهيم رأى فى منامه ليلة التروية أنه يؤمر بذبح إبنه، فلما أصبح ثوى يومه أجمع يفكر هل هذه الرؤية من الله؟ فسمى يوم التروية، ثم رأى ذلك فى ليلة عرفة ثانيا، فلما أصبح عرف أن ذلك من الله فسمى اليوم عرفة، وما قيل من أنه سمى كان الناس يعترفون فى ذلك اليوم بذنوبهم، وما قيل من أنه سمى عرفة من العرف وهو الطيب لما لم يكن فيه ما فى يوم منى من رائحة الدم والفرث، صار هو كان فيها طيبا، وكذا سمى الموضع عرفات لاعترافهم فيه من الذنوب، ولخلوه من الدم والفرث سمى موضع منى باسم منى لما يمنى فيه من الدم، أى يصب أو يقدر، وذكر بعض أن عرفات علم مرتجل للموضع كله بصيغة الجمع للمبالغة فيما ذكر من المعرفة، أو العرف، أو الاعتراف أو التعارف، وعرفة نعمان الأراك، وقيل سميت عرفات لأن الناس يتعارفون فيه، وفى ذكر الإفاضة دلالة على وجوب الكون فى عرفات، وقد تقرر بالسنة والعادة أنه كون بالوقوف لقادر، فدلت أيضا على وجوب الوقوف بواسطة السنة وتقرير العادة، ووجه ذلك أن الإفاضة من عرفات فرع الحصول فيها، وأن مدخول إذا الشرطية مفروض على أنه يكون على معنى قولك إن كان، وأيضا قد أمر بها فى قوله { ثم أفيضوا } والأمر للوجوب، قيل وأيضا الإفاضة مقدمة للذكر الواجب فى المشعر الحرام، ومقدمة الواجب واجبة.
واعترض بأن الذكر فيه غير واجب فلا يستلزم وجوب مقدمته بل مستحب، ولئن سلم وجوبه ليقال إنه واجب مفيد بالإضافة لا واجب مطلقا، فضلا عن أن تجب مقدمته فإن المعنى إذا حصلتم فى المشعر الحرام فاذكروا الله. أجمع أهل العلم على صحة وقوف الواقف بعرفات بعد الزوال بقليل أو كثير، وأفاض بعد الغروب، واختلفوا فى من وقف قبل الزوال وأفاض قبله، وفى من أفاض قبل الغروب. المذهب عدم صحة وقوفه، وأنه المجئ للخروج من عرفات قبل الغروب، ولو لم يخرج من حدها إلا بعده، وكذا قال مالك لا بد أن يأخذ الواقف شيئا من الليل، ونسب تمام حج الواقف بعد الزوال المفيض قبل الغروب فى وقت من أوقات ما بين الزوال والغروب، إلى جمهور الأمة، ولا يصح ذلك، واختلفوا فيمن وقف ليلا قبل الفجر، فقيل يجزيه، وقيل لا، وزعم بعض أنه لا خلاف بين الأمة فى تمام حجه، قال بعض قومنا من أدرك لحظة فى عرفات بعد الزوال إلى طلوع الفجر فقد تم حجه، وقال أحمد وقت الوقوف من طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر وأنه تكفى لحظة من ذلك، وعن عطاء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" من وقف بعرفة قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج "
وعن ابن عباس الحج عرفات والعمرة الطواف، والسنة أن يدفعوا قبل الإمام، واتفقوا على استحسان الإفاضة بعد الغروب فى ما قيل، إلا أن منهم من استحسنه بإيجاب، روى البخارى ومسلم عن أسامة بن زيد قال
" دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال، ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء، قلت الصلاة يا رسول الله؟ قال " الصلاة أمامك " ثم ركب، فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره فى منزله، ثم أقيمت العشاء فصلى ولم يصل بينهما شيئا "
، وروى الربيع عن أبى عبيدة عن جابر بن زيد عن أسامة
" دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالعشب نزل فتوضأ ولم يسبغ الوضوء فقلت له الصلاة. فقال " الصلاة أمامك " فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فى منزله، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره فى منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها، ولم يصل بينهما ".
وروى الربيع عن أبى عبيدة يستحب بعد المغرب ركعتان، ومعنى توضأ ولم يسبغ الوضوء أنه غسل يديه فقط، ولم يتوضأ وضوءة التام الذى يعتاده، أو غسل يده وتوضأ وضوءا خفيفا. ومعنى نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء، توضأ وضوءه المعتاد، فالفاء فى قوله فأسبغ تفصيل لقوله فتوضأ، وهو مجدد وضوءا فى المشعر الحرام ليكون له نور على نور بعد وضوئه فى الشعب، أو هو وضوء أول والذى فى الشعب غسل يده. { فاذكروا الله } بالتهليل والتسبيح والتكبير والتلبية والدعاء وسائر الأذكار، وقراءة القرآن، وعن ابن عباس رضى الله عنهما أنه نظر إلى الناس لية جمع فقال " لقد أدركت الناس هذه الليلة لا ينامون " وعن عكرمة عن ابن عباس
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاض من عرفات قال " يا أيها الناس عليكم السكينة لا يشغلنكم زجل عن الله أكبر "
وقيل المراد بذكر الله هنا صلاة المغرب والعشاء. { عند المشعر الحرام }. قيل السنة صلاة المغرب والعشاء فيه مقرونتين، ولو انتصف الليل ما لم يخف طلوع الفجر، والمشعر الحرام المزدلفة، قال ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم
Halaman tidak diketahui