Hamayan Zad
هميان الزاد إلى دار المعاد
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به عام الحديبية وهو محرم، وهو يوقد تحت قدر له، فنكس رأسه فإذا الهوام تجول فى رأسه وتنثر على وجهه ولحيته، فقال " أتؤذيك هو ام رأسك يا كعب؟ " قال نعم. فسكت النبى صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " احلق وصم ثلاثة أيام أو أطعم فرقا بين ستة أو اهد شاة "
قال مجاهد والفرق ثلاثة أصوع، صاع بين اثنين. وروى
" أن كعبا مر وقد قرح رأسه، فقال له صلى الله عليه وسلم " كفى بهذا أذى " وأمره أن يحلق ويطعم أو ينسك أو يصوم ".
{ فإذا أمنتم } زال عنكم الخوف من العدو، بأن ذهب أو لم يكن بعد أن كان الخوف منه، أو لم يكن هو ولا الخوف منه أصلا، فأمن هنا لازم. وكذا إن فسرنا الأمن بالوقوع فى حال الأمن والسعة، ويجوز أن يكون بمعنى فقدتم العدو، أو الإحصار وإذا فسرنا الإحصار بالمنع مطلقا لا بخصوص منع العدو، وقدرنا الأمن من المنع مطلقا كذلك على حد ما مر من بيان التعدى واللزوم، وعن ابن عباس أمنتم من العدو والمحصر، وقيل إذا برئتم من مرضكم. { فمن تمتع } انتفع بمحظورات الإحرام، وهذا ظاهر، وبه قال ابن القاسم صاحب مالك. { بالعمرة } أى بسببها، أى بسبب انتهائها أو الخروج منها. { إلى الحج } أى إلى إنشاء الحج، وذلك أن يحرم بعمرة فى أشهر الحج، ويحتمل منها ويفعل كلما حل لمن لم يكن محرما، ويدوم على ذلك إلى وقت الإحرام بالحج، ويحتمل أن يكون المعنى فمن انتفع بالتقرب بعمرته إلى رضى الله وصوابه، قاصدا بعد الإحلال منها إلى التقرب إليه بالحج، وإلى على الاحتمام الأول متعلقة بتمتع، وعلى الثانى بحال محذوفة جوازا كما رأيت، ويحتمل الإعرابين قول بعضهم التمتع إسقاط أحد السفرين، لأن حق العمرة أن يقصد بسفر، وحق الحج وكذلك، فلما تمتع بإسقاط أحدهما ألزمه الله هديا قال ابن عباس هو الرجل يقدم من أفق من الآفاق فى أشهر الحج، فقضى عمرته وقام بمكة حالا حتى إن شاء منها الحج فحج من عامه ذلك فيكون مستمتعا بالإحلال من العمرة إلى إحرامه بالحج، ومقتضى هذا أن معنى { أمنتم } لم يكن فيكم الخوف من العدو بعد الإحرام أصلا، وقال ابن الزبير فمن أحصر حتى فاته الحج ولم يتحلل، فقدم مكة فخرج من إحرامه بعمل عمرة فاستمتع بإحلاله ذلك من تلك العمرة إلى السنة المستقبلة، ثم حج فيكون متمتعا بذلك الإحلال إلى إحرامه الثانى فى العام المقبل. وقيل معناه إذا أمنتم وقد حللتم من إحرامكم بعد الإحصار ولم تعتمروا فى تلك السنة، ثم اعتمرتم فى السنة القابلة فى أشهر الحج فاستمتعتم بإحلالكم إلى الحج، ثم أحرمتم بالحج، وقيل هو الرجل يمضى إلى البيت حاجا وجعل حجته عمرة بعد الأمن، ثم حج من قابل، والهدى فى ذلك كله لازم كما ذكر فى الآية بعد، وفى الأثر " وإن رجع إلى بلده أو قام مكانه وأقام على إحرامه وكف عن النساء والطيب ثم حج فليس عليه هدى " ووقت نحر هديه يوم النحر إذا كان حاجا، وإذا كان معتمرا وقت الذى يبعث بالهدى معه يشترى يوم كذا وكذا، وينحر كذا وكذا، فإذا جاوز الوقت حل له كل شئ إلا النساء والطيب حتى يطوف بالبيت، متى ما طاف فيقضى عمرته، ويستحب له أن ينتظر بعد اليوم الذى وقت أن ينحر فيه الهدى بيوم أو بيومين مخالفة ما يحدث.
{ فما استيسر من الهدى } هو شاة أو ما فوقها من بدنة وبقرة، وقيل بدنة أو بقرة، وتقدم كلام فى ذلك، والذبح بعد الإحرام، والأفضل يوم النحر، وأجاز الشافعى قبلة بعدما أحرم بالحج لا قبل أن يحرم به، ومنع أبو حنيفة الذبح قبل يوم النحر، وكذلك اختلفوا فى الذبح من أجل الصيد والشجر، والصحيح جوازه قبل يوم النحر، والذى يظهر لى أنه لا يأكل منه ولا من ذبح التمتع ونحو ذلك من الدم اللازم، لأنه كفارة. وقال أبو حنيفة يجوز الأكل من دم التمتع، ويراه نسكا، ومرادى بالدم اللحم وبالأول قال الشافعى وجمهور الأمة على جواز العمرة لمن أقام بمكة، سواء كان من أهلها أو لم يكن فى أشهر الحج بلا دم يلزمه، وقال بعض يلزمه وإن رجع المعتمر إلى بلده أو ما ساواه فى البعد فلا دم عليه، وقيل لزمه الأول، قال مالك ومن قدم الحج فلا دم عليه، وكذا من قرنهما أو أدخل أحدهما على الآخر، وإن أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج وفرغ منها قبلهن فلا دم، وإن لم يفرغ حتى دخلن لزم عند بعض ولم يلزمه عند بعض، وإن لم يفرع حتى دخلن وأدخل عليها الحج فلا دم، وإن أحرم بعمرة ولم يحرم فى تلك السنة فلا دم، ولو أحرم بها فى أشهر الحج، ومن أحرم بها فيهن وفرغ منها ثم مضى إلى ميقات بلده وأحرم منه بالحج فلا دم عليه، وقيل لزمه وذكروا عن عطاء، عن جابر بن عبد الله أنه قال
" قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صباح أربع مضين من ذى الحجة مهلين بالحج، فلما طفنا بالبيت، وصلينا الركعتين، وسعينا بين الصفا والمروة قال " قصروا " فقصرنا، ثم قال " أحلوا " فقلنا مما ذا نحل يا رسول الله؟ قال " حل لكم النساء والطيب ". ثم قال فغشيت النساء وسطعت المجامر، وبلغه أن بعضهم يقول ينطلق أحدنا إلى منى وذكره يقطر منيا فخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال " لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى، ولو لم أشق الهدى لحللت، ألا فخذوا مناسككم "
، فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج من البطحاء فكان الهدى على من وجد، والصيام على من لم يجد، وأشرك بينهم فى الهدى البعير عن سبعة، والبقرة عن سبعة، وكان عطاء يقول كان طوافهم طوافا واحدا، وسعيهم سعيا واحدا، لحجتهم ولعمرتهم، وهذا فى القارن.
{ فمن لم يجد } هديا لفقده ولفقد ثمنه. { فصيام ثلاثة أيام فى الحج أى فعليه صيام ثلاثة أيام، أو قالوا وجب صيام ثلاثة أيام، ويقدر مضاف أى فى أيام الحج، وهى الأيام التى هو فيها محرم بالحج قبل التحلل منه، وهى اشتغال به، أو يقدر هكذا فى وقت الحج، أى وقت التلبس به، فقد بان لك أن الحج مصدر ناب عن اسم الزمان، والمعنى فى ذلك واحد، وقال أبو حنيفة يصوم بعد التحلل من العمرة وقيل الإحرام بالحج، وذلك فى أشهر الحج، فيقدر مضاف هكذا فى أشهر الحج وفى أيام الحج، أو فى وقت الحج، أو فى زمان الحج، أو نحو ذلك، والمراد الحين الذى يصبح أن يحرم في بالحج، وجمهور العلماء على أنه يصوم يوما قبل التروية ويوم عرفة، وما ثبت من أنه يستحب صيام يوم عرفة لغير الحاج لا للحج، لئلا يضعف عن الوقوف والدعاء، إنما هو فى صومه نفلا لا فى صومه للتمتع مع اليومين قبله، وقد روى عن على ذلك أنه يصوم يوما قبل يوم التروية، ويوم التروية، ويوم عرفة، وهن سابع ذى الحجة وثامنة وتاسعة، فثبت أن العلماء من يختار صومه للتمتع، ولكن اختار بعض ألا يصومه المتمتع، وأن يصوم ثلاثة قبله متصلة به أو متصلة عنه لئلا يضعف عن الوقوف والدعاء، فإن كان لا يضعف عنها ندب قصده بالصوم، وإن لم يصم قبل يوم النحر فقيل يصوم التشريق، وهو قول مالك وأحمد والشافعى فى أحد قوليه، وقيل لا يصوم أيام التشريق، بل يصوم ثلاثة بعدهن، وهو رواية عن أحمد، وقول آخر عن الشافعى وهو أصح قوليه نسب لأكثر علماء الأمة أنه لا يجوز صوم أيام التشريق والعيدين للتمتع ولا لغيره إلا قضاء رمضان، وما كان الصوم قبل، وعارضه يوم النحر فانه يصوم التشريق، فلو صام للتمتع مثلا قبل النحر يوما أو يومين زاد الباقى بعده، وكره بعضهم الصوم فى أيام التشريق، ولا يصام يوم العيد وإن صيم لم ينعقد، وقيل ينعقد، فقيل يجزى وقيل لا يجزى، وقيل إذا لم يصم الثلاثة قبل النحر لم تجزه بعده، ولكن يلزمه الهدى ولا يجزيه الصوم بعد، واختار الشافعى الصوم قبل يوم عرفة، لأن الأجر فيه للجاح الإفطار. { وسبعة إذا رجعتم } إلى أوطانكم مكة وغيرها، هذا قول ابن عباس وبه قال الشافعى، فلو صام قبل الرجوع إلى وطنه لم يجزه عندى، فانما يصوم فى طريقه راجعا، وإن صام بعد وصول وطنه فقضاء لا أداء، وإن صام بعضا فى الطريق وبعضا فى وطنه فما صام فى الطريق أداء، وما صام فى وطنه قضاء.
وقيل المعنى إذا رجعتم من عمل الحج، أى فرغتم منه، فإذا فرغ منه صام خارج مكة أو فى مكة أو فى الطريق، وهو قول أبى حنيفة وقول آخر للشافعى وهو قول عمر ومجاهد إذ قال إذا رجعتم من منى، وقال قتادة والربيع هذه رخصة من الله جل وعلا، وإن المعنى إذا رجعتم إلى وطنكم ووصلتموه، وعن مجاهد إن شاء صامها فى الطريق يعنى، وإن شاء صامها قبل ذلك، ومن وصل وطنه ولم يصمها، أو صام ولم يفرغ من الصوم حتى وصله فقيل لزمه دم، وقيل لا. وهذان القولان قول من قالوا يصوم فى الطريق، أو قالوا يصومه فيه أو قبله، ومن قال يصوم بعد الفراغ من الحج فقيل على الفور، فإن أخر يوما وهو قادر فقد أساء، وقيل على التراخى ما لم يصل وطنه، وإن وصله فدم، وحيث لزمه دم بوصول وطنه على القولين بلزوم الدم، فقيل يقضيها وقيل لا قضاء، وإنما لزمه الدم، وإن صام بعد الثلاثة التى تصام قيل يوم النحر صام الباقى بعد يوم النحر متصلا، وصام السبعة، ولا يلزم اتصار الثلاثة بالسبعة إذا بقى بعض الثلاثة إلى ما بعد يوم النحر، ولزم تتابع الثلاثة فيما بينهما، إلا أن فصل مانع كعيد أو حيض أو نفاس، والسبعة فيما بينهم إلا لمانع، ومن أوجب صوم السبعة على الفور أوجب وصلها بالباقى من الثلاثة إلى ما بعد يوم النحر إلا لمانع، وإن لم يصم الثلاثة ولا بعضها قبل يوم النحر فلا يجزيه صومها، ويصوم السبعة بعد لزومه الهدى. أتى رجل عمر بن الخطاب رضى الله عنه يوم النحر فقال يا أمير المؤمنين إنى تمتعت ولم أجد الهدى ولم أصم. فقال سل فى قومك، ثم قال يا فلان أعطه شاة. ويفيدنا هذا أنه يجوز لمن عليه دين من ديون الله أن يسأل من يعطيه صدقة أو زكاة أو حقا من الحقوق ليؤدى ما لزمه، ودين الخلق أولى بذلك، ويجوز سؤال غير قومه، وإنما أمره بسؤال قومه، لأنهم أرأف به. وعن سعيد بن جبير أنه يبيع ثيابه ويهرق دما. وقرأ ابن أبى عبلة وسبعة بالنصب عطفا على محل ثلاثة، لأن محله نصب على الظرفية لصيام، أو المفعولية له، ولكن أضيف إليه صيام إضافة المصدر لظرفه أو لمفعوله، فجر لفظه وتقديره نصب، ويجوز كونه مفعولا أو ظرفا لمحذوف، أى وصوموا سبعة إذا رجعتم، والجمع فى رجعتم لمراعاة لمعنى من، والخطاب التفات من الغيبة، فإن من للغيبة ويجد مراعاة للفظها فى الإفراد وطبق لغيبتها. { تلك } الأيام المذكورة والسبعة. { عشرة كاملة } فى العدد لم تزد ولم تنقص، فكاملة تأكيد لعشرة وجملة تلك عشرة تأكيد للثلاثة والسبعة، قال الفرزدق
ثلاثة واثنتان فهن خمس وسادسة تميل إلى سهام
Halaman tidak diketahui