260

Hamayan Zad

هميان الزاد إلى دار المعاد

Genre-genre

أخرجه الترمذى. قلت ورواه غيره عن عبد الله بن عمرو ابن العاص موقوفا عليه لا مرفوعا إليه، صلى الله عليه وسلم، وقد أشار إلى هذا الترمذى، قال الشيخ هود قال بعض أهل العلم بلغنى أن المقام قبلة البيت، وأن البيت قبلة المسجد الحرام، وأن المسجد الحرام قبلة مكة، وأن مكة قبلة الحرم، وأن الحرم قبلة أهل الآفاق. { وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى } أى أمرناهما بأن طهرا بيتى، فأن مصدرية بقدر المصدر منصوبا على نزع الخافض وهو الباء أو مجرورا بها، ويجوز أن تكون تفسيرية لأن العهد فيه معنى القول دون حروفه، والمراد تطهيره من الأوثان والزور والمعاصى، والحيض والجنابة والنجس، وكلما لا يليق به، فتح ياء الإضافة فى بيتى نافع وحفص وهشام، وسكنها غيرهم، ولما كان تطهيره من ذلك نفعا ومعونة على الطواف والعكوف والركوع والسجود قال { للطائفين والعاكفين والركع السجود } أى طهراه من ذلك لهؤلاء، ويجوز أن يكون معنى طهرا بيتى أخلصناه لهؤلاء ولا تجعلا فيه نصيبا لمن يعبد الاوثان فيه، أو يعصى فهي أو يحضر فيه مالا ينبغى وهو الكعبة وإضافته للتشريف وتضمن ذلك بناء على التوحيد والطهارة والوقار.

وعن مجاهد طهراه من الأوثان وذلك أمر لهما بعد بنائه، ويجوز أن يكون العهد إلى إبراهيم قبل بنائه، وإلى إسماعيل بعده، وأن يكون إليهما قبله، ومعنى تطهيره من ذلك قبل إنشائه خارجا عن ذلك الشأن الخسيس، واعتقاد ضده له وهذا كقولك لمن أراد بناء دار وسع بيوتها وارفع سقفها، ولمن أراد حفر بئر وسع فمها، فإن أصل هذه العبارة أن تكون بعد الوجود. وعن عائشة رضى الله عنها كسوة البيت على الأمراء، ولكن طيبوا البيت، فإن ذلك من تطهيره. وفى قولها هذا أن تطهيره أن يفعل به كلما يستحسن شرعا، حتى إنه منه الكسوة له والتطييب، ولكن كسوته على الامراء ، فإن عجز أعين أو كساه غيره، وكل ذلك من حلال، والطائف بالبيت من يدور به وهو الصحيح، وبه صرح عطاء وغيره، وقال ابن جبير الطائفون الغرباء الحادثون على مكة، والعاكف المقيم عنده من أهل البلد، قال ابن جبير والشيخ هود رحمة الله، وقال عطاء هو المجاور بمكة للعبادة عند البيت لا يبرح، ويجوز أن يكون من الاعتكاف الذى يبوب له فى كتب الفقه، الذى يلتزم به الإنسان على نفسه، كما اعتكف، صلى الله عليه وسلم بمسجد المدينة. وقال ابن عباس رضى الله عنهما المعتكف المصلى، فإن الاعتكاف لزوم المكان فى اللغة، والمصلى لازم لمكانه، والعاكف لغة الواقف، والمصلى يقف. وقيل العاكف الجالس ينظر إلى البيت. وإن قلت كيف يصح أن يقال العاكفون المصلون مع أنه قد قال بعد ذلك { والركع السجود }؟ قلت صح لجواز ذكر الشئ عاما ثم يذكر أجزاءه أو بعضها مفصلة، تقول لى دار أو بيوت وخزانة، وتريد بيوت تلك الدار وخزائنها، وأما إذا فسرنا العكوف بالقيام فى الصلاة، فمن ذكر الشئ مفصلا من أول مرة فإن القيام والركوع والسجود من هيئة المصلى، قيل إن الطواف للغرباء أفضل، أى لأنه لا يفعل بغير الكعبة فيفوتهم بالرحيل عنها، والصلاة لأهل مكة أفضل، وذكروا عن مجاهد وعطاء أن النظر إلى البيت عبادة، وتكسب به الحسنات، والنظرة حسنة، والحسنة بعشر، وما شاء الله، و { الركع السجود } المصلون، جمعا راكع وساجد.

[2.126]

{ وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا } أى هذا البلد، وهذا المكان والمراد الحرم كله، وقيل مكة. { بلدا آمنا } أى ذا أمن، ففاعل للنسب كلا بن بمعنى ذا لبن، وتامر بمعنى صاحب تمر، أو آمنا أهله بحذف المضاف، فأجاب الله دعاءه فجعله لا يسفك فهي دم إنسان فى الجاهلية، والإسلام، ولا يظلم فيه أحد، ويمتنع الملتجئ إليه، ولا ينفر صيده، فضلا عن أن يقتل ولا يختل خلاه، ولا يعضد شجره، ويجوز أن يكون إسناد الأمر إليه من مجاز الإسناد من الإسناد إلى المكان، كقولك مضجعه نائم، ويشبه ذلك الإسناد إلى الزمان، وكقوله نهاره صائم، فالزمان والمكان كلاهما ظرف للأفعال، وقيل المعنى آمنا من الجبابرة والعدو والمستأصل، وممن يتملكه أو يتملك بينه، وما قصده جبار إلا قصمه الله، عز وجل، كما فعل بأصحاب الفيل. وأما الحجاج ولو غزا مكة وخرب الكعبة، لكن قصده نزع ابن الزبير من الخلافة، ولما حصل قصده أعاد بناء الكعبة وشيدها، وعظم حرمتها وأحسن إلى أهلها، وبناؤها اليوم هو بناؤه باقيا. وتحريم مكة إنما هو من الله قبل إبراهيم لقوله، صلى الله عليه وسلم

" إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض "

كما مر. وعن مجاهد أن كتابا وجد عند المقام فيه أنا الله ذو بكة، منعتها يوم خلقت الشمس والقمر، وحرمتها يوم ختلقت السماوات والأرض، وحففتها بسبعة أملاك، وجعلت رزقها من ثلاث سبل مباركا لأهلها فى الماء واللحم. ويتبادر أيضا من قول إبراهيم

ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم

أنها كانت محرمة قبل إبراهيم، وهى محرمة قبل دعوته هذه قطعا، وأما قوله، صلى الله عليه وسلم

" إن إبراهيم حرم مكة وإنى حرمت المدينة "

فلا حجة فيه لمن قال كانت حلالا قبل إبراهيم وحرمت بدعوته، لأن المراد بتحريم إبراهيم إياها تبليغه تحريم الله إياها، كما مر تأويله ولم يؤمر غيره من الأنبياء بذلك، ولكن منعها الله حتى أظهر ذلك على لسان رسوله إبراهيم، أما أن يلهم الدعاء بتحريمها فأجابه الله بإظهاره وأما أن يكون قد علم بتحريمها فدعا الله أن يظهره على لسانه للناس. { وارزق أهله من الثمرات } من للتبعيض قائمة مع مجرورها مقام المفعول، أو المفعول محذوف أى شيئا من الثمرات، أو هى مفعول مضاف دعا إبراهيم هذا لأنها ليست أرض زرع ولا ثمر، فأجاب الله سبحانه وتعالى دعاءه فجعله حرما آمنا تجبى إليه ثمرات كل شئ، وجعل أرض الطائف أرض زرع وثمر، ولم تكن كذلك قبل دعائه وهو قادر على إنباع الماء وإنبات الشجر، والثمار حيث لم تكن. وروى أن الله، تبارك وتعالى.

Halaman tidak diketahui