قال تشو: «أشكرك.» بصوت رفيع على نحو غير متوقع من رجل ضخم الجثة مثله، وقد توقع جونزاليس أن يسمع منه صوتا غليظا أجش. قال تشو: «في أواخر القرن العشرين ظهرت فكرة إمكانية تحويل أو نقل هوية الشخص. وقد تحدث الناس، بلغة ذلك الوقت، عن «تنزيل» هوية الشخص.» وعلى الشاشة، في الجزء الذي كان يحتله أعضاء الجمعية، ظهر رسم كارتوني لامرأة عارية، وعلى وجهها تعبير ذهول، وقد غطي الجزء العلوي من جمجمتها بغطاء معدني. ومن هذا الغطاء كان يتصل كابل معدني سميك بخزانة سوداء كبيرة تظهر على واجهتها أضواء وامضة.
قال تشو: «هراء.» ثم اختفت صورة المرأة. وأضاف: «لمعرفة السبب، دعوني أطرح عليكم سؤالا: ما هو الشخص؟ أهو روح خالصة، سائل في مرطبان يمكن أن يصبه المرء في الوعاء الملائم؟ إطلاقا. إنه مجال ديناميكي مؤلف من آلاف العناصر المنفصلة، مجموعة معا في جوال فضفاض من الجلد يجوب الكون في حرية. وبالطبع إنه الإدراكات والتواريخ والاحتمالات والأفعال والحالات والتأثيرات الخاصة بكل هذه الأمور.
يمكن العثور على ذاتي في حركة يدي.» ثم فرد أصابعه وكأنه ساحر يوشك على إخراج عملة معدنية أو منديل ملون، وعلى الشاشة جرت محاكاة اليد وحركتها. «وفي إدراكاتي لليد، من الداخل مثلا، عبر مستقبلات الحس المعيق. وبالطبع أنا أرى ذاتي.» التفت تشو ورفع يده أمام وجهه، ثم أسقطها بحركة خاطفة، فانمحت صورتها من على الشاشة. قال: «وأنا هو من يفكر في اليد، ويتحدث عنها، ويتذكرها، وتجمعني بها علاقة ملكية خاصة. وأنا أيضا إرادة استخدام تلك اليد.» ثم رفع يده أمام وجهه، وضم قبضته وأضاف: «لذا سيعني تنزيل ولو جزءا من ذاتي تنزيل كل هذه الأشياء، وسياقها الجسماني بأكمله.
وبطبيعة الحال أيضا، فإن ذاتي هي خبراتي المخزنة كاحتمالات حركية، والمستدعاة على صورة ذاكرة وأحلام، والمتجسدة كطرق مميزة للكيونة والمعرفة. ومن شأن تنزيل ذاتي أن يتطلب تكرار هذه الفوضى المتدفقة.
ومن ثم سيصير تنزيل ذاتي أصعب المهام قاطبة، وربما يفوق حتى قدرات ألف. ومع ذلك عند دمجها بذات موجودة بالفعل، حتى لو معطوبة كذات جيري تشابمان، تستطيع ألف خلق شخص افتراضي؛ شخص يتصرف كالإنسان الطبيعي، وليس ذكاء عديم الجسد، شخص قادر على تحقيق كل الاحتمالات الجسمانية التي امتلكها وهو صحيح الجسد. إن جسد جيري تشابمان المادي محطم، لكن باستطاعة جيري تشابمان القابع داخله أن يواصل العيش.»
قال تشو وهو ينظر إلى ديانا: «ونريد منك أن تشاركي جيري عالمه. يجب عليه أن ينغمس هناك، وأن يشعر بالأشخاص الآخرين وبروابط الحب التي تربطنا في هذا العالم. ولو لم يحدث هذا فسيذبل سريعا، وتتلف خريطته الذهنية، ويموت.»
استطاع جونزاليس تفهم ذلك المنطق بسهولة؛ فالقرد يجب أن يكون محاطا بغيره من القردة الذكور والإناث، وإلا فسيجن جنونه، ربما لا تكون هذه قاعدة مطلقة لكنها تنطبق على غالبية الحالات.
قالت ديانا: «وبفرض أنه تأقلم جيدا مع هذا العالم، فما الذي سيحدث بعد ذلك؟ كم من الوقت يمكن لهذا العالم المحاكى أن يبقيه حيا؟
تحدثت الصورة التجسيدية لألف للمرة الأولى، وقالت: «لدي فقط إجابات تخمينية عن هذه الأسئلة، لكنني أفضل ألا أعرضها الآن. علينا أولا أن ننقذه من الحالة التنكسية التي يعيش فيها ومن الموت الحتمي الذي تستتبعه.»
قالت ديانا: «أفهم ذلك؛ ولهذا السبب أنا هنا، كي أساعد بأي طريقة أستطيع. كل ما في الأمر أن لدي بعض الأسئلة.»
Halaman tidak diketahui