قال جونزاليس: «الأمر يبدو ... غير عادي.» «إنه كذلك.»
تحركت أذرع الروبوت على نحو غامض خبيث، وألمحت كلماته بتهديد غير ملتبس؛ إذ قال: «أتود بعض المساعدة؟»
ما الذي كان يعنيه بذلك؟ كيف عرف أن ثمة ما يسوءه؟ قال جونزاليس: «كلا.» ثم هب واقفا وصرخ: «كلا!»
سار جونزاليس بعيدا عن الساحة، وقد صار واثقا الآن أنها كانت غير آمنة بالنسبة إليه، رغم أنه لم يكن يعرف لماذا. وبينما كان يسير، صار الظلام أشد قتامة، وحاول بكل ما يمتلك من شجاعة أن ينحي جانبا ذلك الشعور الدائم الذي ينتابه نحو نفسه ونحو المدينة، السقوط، السقوط ...
صار الطريق السريع الدائري أضيق بينما اجتازه نحو منطقة زراعية. كان يعلم أن الحدائق ذات المنصات كانت ترتقي إلى الأعلى على كلا الجانبين، حقول من الذرة والقمح، لكنه لم يستطع رؤيتها؛ لأن الضباب كان أشد كثافة هنا مما كان في منطقة الضواحي التي مر منها. ظهرت أضواء خافتة منبعثة من مربع سكني من الأكواخ على جانب الطريق السريع مباشرة. وسمع صوتا ينادي وآخر يجيب، وكان كل من النداء والاستجابة غير مفهوم له. •••
على مقربة من الشعاع رقم 4، الذي خلفت مصاعده آثارا من الضوء بينما كانت تصعد وتهبط عبر الممر الرأسي، كانت الأشجار تنمو على جانب الطريق السريع مباشرة، كان الطريق يصدر ومضات متقطعة أسفل قدميه، وكأنما كان ثمة حذاء حديدي يضرب سطحا معدنيا. اكتسب الضباب وجوها؛ أقنعة كئيبة المنظر عديمة العيون تلف بحركة بطيئة بحيث تتبعه نظراتها الخاوية أينما ذهب.
قال جونزاليس: «يا إلهي!» ثم توقف ولف ذراعيه حول صدره. اقترب شكل يكتنفه الضباب منه، وقد اشتعل لهب أحمر خلف محجري عينيه الخاويتين. ركض جونزاليس نحو الغابة.
لم تكن الغابة كثيفة، وفي ضوء الشمس كان بمقدوره أن يركض خلالها من دون صعوبة. والآن، وسط تلك العتمة شبه التامة، والظلال الرمادية والفضية، ارتطم بشجيرة صغيرة شائكة فعلق بها وأعاقت ركضه.
بدأت الأرض تصير أكثر رخاوة تحت قدميه، وسريعا أخذ يخوض بين الخيزران والأسيلات، وانزلقت قدماه على الرقع الطينية وزلت في الحفر الصغيرة المبتلة ، ثم وصل الماء حتى عقبيه، وانتبه للمرة الأولى إلى رائحة العفن القوية، التحلل ...
استدار، محاولا العثور على أرض جافة، وسريعا ما ارتطمت قدماه بالأرض الصلبة لأحد المسارات. نظر إلى الأسفل واستطاع أن يرى المسار بلون رمادي متوهج، يحفه اللون الأحمر. ركض على امتداده إلى أن سمع صوت المياه المندفعة.
Halaman tidak diketahui