Hakadha Takallama Nasr Abu Zayd
هكذا تكلم نصر أبو زيد (الجزء الأول): من نص المصحف إلى خطابات القرآن
Genre-genre
أبدأ ملاحظات منهجية لقراءة عبد القاهر، وهذا مهم أن نبدأ بالملاحظات المنهجية. هناك القراءة التتابعية؛ أن نقرأ مثلا كتاب أسرار البلاغة، ثم نقرأ بعد ذلك كتاب دلائل الإعجاز؛ لأنه كتب أسرار البلاغة قبل دلائل الإعجاز. لكي نستطيع أن نرى تطور فكر عبد القاهر الجرجاني. وهذه القراءة تميز بين مرحلتين في تفكير عبد القاهر، طبقا لهذه القراءة التتابعية، وطبقا لهذا المنهج، يكون بؤرة التركيز عقل المؤلف، وهذا منهج مفيد في معرفة تطور الفكر.
وهناك منهج القراءة التزامنية، يعني التعامل مع الكتابين - أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز - باعتبارهما نصا واحدا؛ يعني تطور فكر عبد القاهر، لكن الفكر الذي وصلنا هو فكر عبد القاهر. نحتاج أحيانا للقراءة التتابعية، لكني سأركز على القراءة التزامنية بالتعامل مع الكتابين باعتبارهما نصا واحدا. بؤرة التفكير ليست عقل المؤلف، وإنما النص العبد القاهري، إذا صح لنا أن نقول ذلك. الأمر الثالث في الملاحظات المنهجية أن عبد القاهر ينتمي لاهوتيا إلى المدرسة الأشعرية، وهو لغوي بالأساس. يعني حين نقول إن عبد القاهر أشعري يجب أن نميز بين طبيعة النظام النوعي الذي يمارسه عبد القاهر، فلا نصفه بالأوصاف الأشعرية كما لو كان لاهوتيا. معنى أنه أشعري أنه يتبنى اللاهوت الأشعري، لكن في دراساته النوعية لا يكتفي بما أنجزه الأشاعرة، وإنما الأشعرية المفتوحة لغويا وبلاغيا. تأثيرات الفكر الاعتزالي اللغوي والبلاغي على عبد القاهر واضحة. الجاحظ وهو يشير إلى الجاحظ؛ لأن الجاحظ كان لغويا، لكنه لا يشير إلى القاضي عبد الجبار، لماذا؟ لأن القاضي عبد الجبار يحيل إلى المعتزلة، وعبد القاهر لا يريد أن يقول إنه متأثر بالمعتزلة.
البعد الثالث (الرابع) منهجيا هو التمايز التأويلي، توظيف البحث اللغوي والبلاغي لاهوتيا؛ لأن عبد القاهر يمارس نشاطه في إطار علم نوعي هو علم اللغة وعلم البلاغة. لكن علم اللغة والبلاغة كانا قد تأثرا بالفعل بالأفكار اللاهوتية، وبالتالي سنجد أنه يميز حين يؤسس التأويل لغويا وبلاغيا، يميز بين من يسميهم المفرطين وهم الذين ينكرون المجاز، ولا وجود للمجاز في اللغة، وسنأتي إلى هذا. والمفرطون، يعني الذين يبالغون في استخدام المجاز من أجل التأويل. وهذا التمييز عند عبد القاهر ينبغي أن نأخذه مأخذا نقديا، لا نأخذه بأنه يضع قواعد علينا أن نتبعها.
إشكالية المجاز قبل عبد القاهر: أتتبع تاريخيا إشكالية المجاز، بشكل بسيط وإن كنا سنتعرض للتعريفات بعد ذلك. هو استخدام اللغة استخداما لا يؤدي إلى فهمها فهما حرفيا، حين يصبح الفهم الحرفي للعبارة فهما مشكلا، فلا بد من فهم العبارة فهما مجازيا. الأمثلة التي يطرحونها في تاريخ الفكر: سأل سائل، يقال إنه كاتب «للفضل بن ربيع»؛ ومعنى ذلك يحتمل أنه من أصل فارسي وأسلم. هذه ظاهرة وجود مسلمين في المجتمع ليسوا من أصول عربية، فيقرءون القرآن بمنطق لا يتفق مع المنطق اللغوي، بمنطق عقلي غير لغوي. هذا كما تقرأ نصا باللغة الإنجليزية، وأنت لا تعرف اللغة الإنجليزية جيدا، فتحاول أن تفهم النص الإنجليزي فهما منطقيا، يعني مثلا، للترفيه؛ كثير من الشباب الذي يذهب إلى أوروبا لا يعرف التمييز بين
I love you
وبين
I like you ، وهذا تمييز مهم جدا جدا، فإذا أحد من الشباب الذي يريد أن يعمل علاقة مع بنت فيقول لها
I love you
فتهرب. مشكلة عدم معرفة اللغة، وأنا وقعت في هذه المشكلة، ليس طبعا
I love you
Halaman tidak diketahui