Demikianlah Zarathustra Berbicara
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Genre-genre
ما أنا إلا سائر بين الناس شطرة من المستقبل الذي يتراءى لبصيرتي وجميع أفكاري تتجه إلى جمع وتوحيد كل ما تفرق على أسرار وتبدد على الصدف العمياء.
وما كنت لأحتمل أن أكون إنسانا لو أن الإنسان لم يكن شاعرا محللا للأسرار ومفتديا لإخوانه من ظلم ما تسمونه صدفة ودهرا، وما الفداء إلا في إنقاذ من ذهبوا، وتحويل كل ما كان إلى ما أريد لو أنه كان ...
ما المخلص والمبشر بالغبطة إلا الإرادة نفسها، وهذا ما أعلمكم إياه يا أصحابي، ولكن اعلموا أيضا أن هذه الإرادة لم تزل سجينة مقيدة.
إن الإرادة تنقذ، ولكن ما هي القوة التي تقيد المنقذ نفسه؟
إن داء الإرادة الوحيد إنما هو كلمة «قد كان» تقف الإرادة أمامها تحرق الإرم عاجزة عن النيل من كل ما كان، فالإرادة تنظر بعين الشر إلى كل ما فات، وليس لها أن تدفع بقوتها إلى الوراء، فهي أضعف من أن تحطم الزمان وما يريده الزمان، وهذا داء الإرادة الدفين.
إن الإرادة تنقذ، ولكن ما هو تصور الإرادة في عملها للتخلص من دائها وهدم جدران سجنها؟
وا أسفاه! إن كل سجين يصبح مجنونا، وما تنقذ الإرادة السجينة نفسها إلا بالجنون.
إن الزمان لا يعود أدراجه، ذلك ما يثير غضب الإرادة وكيدها، فهنالك صخر لا طاقة للإرادة برفعه، وهذا الصخر إنما هو الأمر الواقع.
لذلك تهب الإرادة وقد تملكها الغيظ مقتلعة الأحجار منتقمة من كل من لا يجاريها في كيدها وثورتها، وهكذا تصبح الإرادة المنقذة قوة شريرة تصب جام غضبها على كل قانع بعجزها عن الرجوع إلى ما فات، وهل انتقام الإرادة إلا عبارة عن كرهها للزمان؛ لأنه أوقع ما لا قبل لها برده؟
والحق أن إرادتنا مصابة بالجنون، وقد نزلت لعنة على البشرية منذ تعلم الجنون أن يتفكر. إن خير ما طرأ على الإنسان حتى اليوم إنما هو فكرة الانتقام، وهكذا سيبقى العقاب ملازما للألم في كل زمان وفي كل مكان، وهل فكرة الانتقام إلا العقاب بذاته، فما كلمة الانتقام إلا كلمة مكذوبة يقصد بها التعبير عن الضمير.
Halaman tidak diketahui