Demikianlah Zarathustra Berbicara
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Genre-genre
الفضلاء
لا ينبه الشعور الغافل إلا الإرعاء والإبراق، وما تكلم الجمال إلا بنبرات هامسة لا تنفذ إلا إلى أشد الأرواح انتباها.
أسمعتني عصمتي اليوم ضحكة تعالت فيها قهقهة الجمال السامية، فجمالي يسخر بكم أيها الفضلاء؛ إذ سمعته يقول: إنهم يطلبون لفضائلهم ثمنا.
إنكم تتقاضون ثمن فضيلتكم وتطالبون بالجزاء، أيها الفضلاء، طامحين إلى امتلاك أماكن في السماء، بدلا من أماكن في الأرض، وإلى الظفر بالأبدية بدلا من الدهر الزائل.
إنكم لتحقدون علي؛ لأنني أعلم الناس أن ليس هنالك لا حسيب ولا مثيب، والحق أنني أمتنع عن القول بالثواب، بل أذهب إلى أبعد من هذا فأقول أن ليس للفضيلة ما تجزي به نفسها جميل الجزاء.
إن ما يؤلمني هو أن العقاب والثواب قد دسا دسا في غاية كل أمر، بل حشرا حشرا في أعماق نفوسكم، أيها الفضلاء، ولكن لكلمتي أن تلج هذه النفوس ذاهبة فيها كقرن الوعل وكالسكة تشق الأرض لتحرثها. فلتتكشف نفوسكم عن خفاياها أمام النور؛ لأن الحقيقة لن تنفصل عن الضلال فيكم حتى تنطرحوا عراة تحت شعاع الشمس. ذلك لأن حقيقة ذاتكم إنما هي أطهر من أن تسمح بتدنسكم بكلمات الانتقام والعقاب والمكافأة والمقابلة بالمثل.
إنكم تحبون فضيلتكم كما تحب الأم طفلها، وهل سمعتم أن أما طلبت مكافأة على عطف الأمومة فيها؟
هل فضيلتكم إلا ذاتكم نفسها وهي أعز ما لكم، وما أمنيتكم إلا أمنية الحلقة التي لا تلتوي وتستدير إلا ليصبح آخرها أولا لها.
إن كل عمل ينشأ عن فضيلتكم إنما هو بمثابة نور كوكب يعروه الانطفاء، فما يزال نوره يخترق مجراه في الأفلاك، وليس من حد ينتهي سيره إليه، وهكذا لن تزال أشعة فضيلتكم سائرة في سبيلها حتى بعد انتهاء عملها وتواريه في عالم النسيان؛ لأن إشعاع الفضيلة مستمر لا يعروه زوال.
لتكن فضيلتكم تعبيرا عن ذاتكم وما تلك غريبة عن هذه فلا تحسبوا أنها جلد ورداء.
Halaman tidak diketahui