Hafiz Najib
حافظ نجيب : الأديب المحتال
Genre-genre
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: من هي السيدة وسيلة محمد، وما علاقتها بحافظ نجيب؟! والإجابة على هذا السؤل، جاءت في مقالة أحمد حسين الطماوي، عندما أشار إلى أن جريدة المحروسة نشرت حديثا صحفيا لحافظ نجيب في 3 / 12 / 1912، اعترف فيه بأنه صاحب ترجمة كتاب «روح الاعتدال» و«غاية الإنسان»، ولم تقم بترجمتهما السيدة وسيلة محمد، كما هو معروف.
4
ونضيف إلى ذلك أدلة أخرى، منها أسلوب حافظ نجيب نفسه، حيث كانت له كلمات أثيرة، ذات معان خاصة في كتاباته وإبداعاته، منها كلمة «المفرد» بمعنى الوحيد، أو «المفردة » بمعنى الوحيدة، وقد جاءت هذه اللفظة مظللة، في نهاية الجزء السابق من مبحث «أين السعادة»!
5
ومن الأدلة أيضا غلاف كتاب «الناشئة» المطبوع عام 1915، وقد جاء فيه أنه ترجمة حافظ نجيب، مترجم «روح الاعتدال» و«غاية الإنسان»! وقد تكرر هذا الأمر على غلاف كتاب «الغرور» لحافظ نجيب أيضا، الصادر عام 1923.
هذا بالإضافة إلى اعتراف صريح من حافظ نجيب، نشره عام 1923، قال فيه: «النفس إذا انصرفت إلى غاية لا تقف دونها إلا مرغمة مكرهة، والرغبة إذا قويت لا تحول دون تحقيقها الحوائل والعقبات. علقت مطالعة كتب الاجتماع والأخلاق، ورغبت في إفادة أبناء بلادي بما انتفعت بالاطلاع عليه، فلم يمنعني الاختفاء والتنكر من تحقيق هذا الغرض، فنشرت «روح الاعتدال» و«غاية الإنسان»، منسوبة ترجمتهما إلى زوجتيى السيدة وسيلة محمد، فإذا لم يكن لهذه السيدة فضل في الترجمة، فإن لها يدا في نشر هذين الكتابين، فهل من خطأ؟»
6
وعلى الرغم من أن كتاب «غاية الإنسان»، كما جاء على غلافه، هو ترجمة! إلا أن كلمة وسيلة محمد في بداية الكتاب - أو بالأحرى كلمة حافظ نجيب - تفيد بأن الكتاب أقرب إلى التعريب أو التأليف منه إلى الترجمة! ومما جاء في هذه الكلمة: «إنني لأكذب إذا نسبت كل ما في كتابي هذا إلى نفسي، أو قصرت ما فيه من الأفكار على ثمرة عقلي. فقد تحديت الوقوف على أفكار من سبقوني إلى الكتابة في هذا البحث، وطالعت شتاتا من صنوف الكتب، فعلق بذهني منها ما أدركته. وغاب عنه ما استعصى علي فهمه. فالفضل في الواقع راجع إلى أولئك الحكماء لا إلي؛ لأنني منهم استمديت وعنهم أخذت، ومن زبد أفكارهم كونت فكري ... فإنني صورت ما علق بفكري، وما انطبع عليه من صور أحوال الحياة، على ما تمثلته تماما وظننت أنه الحقيقة. ولما كان ما يتمثله الفكر ويقرره الإنسان، على أنه الحقيقة، قد لا يكون هو الصواب دائما؛ لهذا أتحاشى الجزم بكون ما كتبته هو الصواب، وإنما أقرر كونه الحقيقة، على قدر ما تصورتها ووصل إليها إدراكي. فليحاسبني الناس على غايتي من الكتابة، لا على دنوها من الصواب أو بعدها عنه، فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.»
7
وإذا كان حافظ نجيب قد ترجم - أو عرب أو ألف - كتاب «غاية الإنسان»، وأن كل كلمة فيه منسوبة إليه، إلا أن زوجته وسيلة محمد لها في هذا الكتاب بضعة أسطر فقط، هي أسطر الإهداء، حيث قالت فيها: «إلى ابنتي العزيزة ... الدهر عبر، والحياة سير، والنفس بينهما لا تستقر. فمن تتقى الأيام تأمن عبرها، ومن تعرف الحياة تجمل سيرها. والحوادث جائية ذاهبة، والأعمار فانية ناضبة، فالحال لا تدوم أسعدت أم أشقت، والذكرى لا تفنى قبحت أم حسنت. فاتقي بنيتي العاقبة الأخرى، فإنما الحياة هي الذكرى.»
Halaman tidak diketahui