والتفت الشيخ علي إلى السماء وقال: «هه! ح تبعتها حالا دلوقتي، والا ما أخلي ولا أبقي حدا إلا ما أقوله؟! مائدة حالا! جوز فراخ، وطبق عسل نحل، ورصة عيش ساخن، على شرط عيش ساخن! واوع تنسى السلطة! وديني، لعادد لغاية عشرة، وان ما نزلت المائدة ماني مخلي ولا مبقي.»
ومضى الشيخ علي يعد، وقلوب منية النصر تعد معه مقدما، والأعصاب قد بدأت تتوتر، وأصبح لا بد من عمل شيء لإيقاف الشيخ علي عند حده، واقترح أحدهم أن يلتف جماعة من شباب البلدة الأقوياء حوله ويوقعوه أرضا، ويكمموا فاه، ويعطوه علقة لا ينساها، غير أن نظرة واحدة ألقاها الشيخ علي من عينيه المشتعلتين بالغضب المجنون أذابت الاقتراح، فمن المستحيل أن ينالوا الشيخ علي قبل أن يخبط هو خبطة أو خبطتين برأس الحكمدار، وكل شاب قد قدر أن الخبطة ستكون من نصيبه، والذي يهدد بدشدشة رأس عزرائين كفيل بدشدشة رأس الواحد منهم؛ وعلى هذا ذاب الاقتراح.
وقال له أحدهم في فروغ بال: «ما انت طول عمرك جعان يا راجل! اشمعنى النهارده؟!»
وأصابته نظرة نارية من الشيخ علي، وأجابه: «المرة دي، يا عبد الجواد يا معصفر، الحكاية طالت!»
وزعق فيه آخر: «طب يا أخي، لما انت جعان مش تقول لنا واحنا نوكلك بدل الكلام الفارغ اللي انت قاعد تقوله ده؟!»
وهب فيه الشيخ علي: «أني أطلب منكم؟! أني أشحت منكم يا بلد جعانة؟! دا انتو جعانين أكتر مني! أقوم أشحت منكم؟! أني جاي اطلب منه هو، واذا ما أدانيش ح اقدر اعرف شغلي.»
وقال له عبد الجواد: «ما كنت تشتغل يا أخي وتاكل، يخفى وجهك!»
وهنا بلغ الغضب بالشيخ علي منتهاه، وتزربن وراح يهتز ويصرخ، ووزع كلامه بين الجمع المحتشد عن بعد وبين السماء: «وانت مالك يا عبد الجواد يابن ست ابوها؟! مانيش مشتغل! مش عايز اشتغل! ما بعرفش اشتغل! مش لاقي شغل! هو شغلكو ده شغل؟! يا عالم بقر! دا شغلكو ده شغل حمير! واني مش حمار، أني ما أقدرش يتقطم وسطي طول النهار، ما اقدرشي اتعلق في الغيط زي البهيمة يا بهايم، يلعن أبوكو كلكو! مانيش مشتغل! والنبي لو حكمت اموت م الجوع ما اشتغل شغلكوا أبدا.»
وكان غضبه شديدا إلى الدرجة التي جعلت الناس تضحك بالرغم منها، وبرغم الموقف الرهيب الذي كانوا فيه.
وانتفض الشيخ علي انتفاضة عظيمة وقال: «هه! ح أعد لغاية عشرة والنبي إن ما بعت لي مائدة لكافر وعامل ما لا يعمل.»
Halaman tidak diketahui