وطال إغترابي عن حمىّ قد عهدته ... وقد عمرت بالفضل فيه المعاهد
بلاد بها نيطت عليَّ تمائمي ... وفارقني فيها وليدٌ ووالد
وقد طال هذا الفصلُ بيني وبينهم ... فهل صلةٌ من نحوكم وعوائد
وما أخترتُ أن أهدي قريضي لبابكمْ ... وعلمي به في سوقكم وهو كاسد
لأنيَ في نظمِ القصائدِ باقلٌ ... وأنك يا قسَّ الفصاحةِ ناقد
ولكنّ دهرًا ألجأتني صروفُهُ ... ونقصانُ حظي قد بدا يتقاعد
وماذا عجيبٌ إن ذا الدهرَ طبعُهُ ... يعاكسُ أربابَ العلى ويعاند
ويحسبني مولايَ أنيَ منهمُ ... لذاك إذا في رَوْمِ نقصيَ يراود
وليس على التحقيق لي منه منصفٌ ... ولا لي في التخليص منه مساعد
سوى حضرةِ المولى الذي فاق مَنْ مضى ... أَقَرَّ بهذا خصمُهُ والمعاند
وأجمع أهلُ العصرِ أن علومَهُ ... لمفردةٌ في جمعها وهو واحد
وأعني به مولاي قاضي عساكرٍ ... أخا الفضلِ بل للعلم صلٌ ووالد
وليس يزيد المرءَ قدرًا ورفعةً ... أطالتُ وصَافٍ وفيه شواهد
فلا زلتَ كنزًا للعلوم ومصدرًا ... وطابت لأهليِ العلمِ منك الموارد
وَدُمْ أبدًا في رفعة وسيادة ... مدى الدهرِ ما دام السُّهَى والفراقد
ثم أرسلتُ الرسولَ وأنا مستشرف أستشرافَ الطالب، ومتشوِّفٌ له تشوُّفَ الطامع الراغب، فلعله يأتي " بسلطان مبين "، او يرجع " من سبأ بنبأ يقين ".
فلما كان بتاريخ أوائل ذي القعدة الحرام سنة ثمانين وتسعمائة، ورد الخبر بأنّ الصدقاتِ الكريمة السلطانية، أنعمتْ على الفقيرِ بتبديل قضائه بقضاءِ القدموس المحمية، فسررتُ بهذا البَدَلِ حيث تضمَّنَ عَطْفَ الجوار، وحدمدتُ الله تعالى على قُرْبِ الديار.
1 / 29