عذرا يا مولاي فإنها حال من أحوال التصوف، وكدت أمزق هؤلاء الخونة بأسناني، لولا أن صرفت الحال بتمزيق هذه الدجاجة، وأشكر الله إذ حماني من جريمة القتل، مولاي لم يئن الأوان، وسيكشف التاج عن حقيقة هؤلاء جميعا، وسنفرغ للخونة المشعوذين، إنهم يريدون أن يفتنوا الشعب، والفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها.
الملك :
كنت أتمنى لو ظل البحث هادئا.
الأستاذ :
لا هوادة مع من يحاول إثارة الفتن، وكل آت قريب، إنما يهمني أن أنفذ وصية أستاذك الشيخ الحكيم، فأنقذك من الخونة المنافقين، ولم تكن تلك الفكرات التي يبثها المشعوذ إلا سموما تفتك بالمملكة وتعرض العرش والمليك للأخطار.
اطمأن الملك لا سيما وقد ذكره بأستاذه، فازدادت ثقته بالأستاذ الجليل، فودعه بحرارة وإيمان، وأمر بأن يصحب إلى داره بموكب عظيم.
الفصل الحادي والعشرون
قال الراوي: لم يدهش التلميذ الشاب عندما دخل عليه الشابان «المجنونان» مكبلين بالحديد، يحرسهما الجند، إنه كان ينتظر حضورهما على هذه الهيئة، وهو لا يخفى عليه أستاذه في مداوراته وفي ترتيبه للأمور.
ناوله الجند رسالة من الأستاذ الجليل يوصيه فيها بإبقاء الشابين مقيدين إلى عودته، دون أن يعلم بوجودهما في الدار أحد، ويؤكد عليه بأن يقوم ما أمكن بتهيئة الجو الملائم معهما ترغيبا وترهيبا.
سر التلميذ لوصية أستاذه، إذ أفسحت له مجال صرف الجنود ليتمكن من التحدث إلى ضيفيه بحرية وانطلاق، وما انصرف الجند، حتى ابتسم لهما ابتسامة ناعمة، فيها معاني المرارة والألم، والحنو والأمل في آن واحد، وكان قد أمسك عن النظر إليهما قبل ذلك، وراعه أن الشابين استقبلا ابتسامته هذه بانكماش وعبوس وحذر، فقال:
Halaman tidak diketahui