والأسرة الموحدة المباركة الوافرة هي عند الآريين مصدر كل سعادة دنيوية وأبدية، فلا شيء لديهم يعدل مسارها، فهم لا يفتئون يتغنون بها، وهم إذا ما أرادوا تصوير مجد الآلهة أو يمنها لم يتمثل لهم غير جمال الزوجة ووفائها وقوة الأب الكاهن وجلاله وظرف الأولاد وانقيادهم، فهم يرون في هذه الأمور كل نعيم، وتملأ هذه الأمور جوانحهم، فتجد فيها سر أغانيهم الدينية الكثيرة المفصلة حولها ومنها تجتلى أحوالهم.
ولا شيء يفوق أهمية تقديم كل أسرة قرابين إلى أرواح أجدادها، وقد قلنا إن تقديم هذه القرابين إذا ما انقطع تلاشت أرواح الموتى وانطفأت الأسرة إلى الأبد، والأب هو الذي كان يقوم بتقريب القرابين، وكان للأم، كما أن عليها، أن تساعده على ذلك فتقاسمه المجد، فالأم كانت تجمع على ضوء القمر الأزهار من سفوح الجبال فتستخرج منها بدقة وبتخمير بطيء الشراب المقدس المعروف بالسوما، فكان الأب ينضح الضحية بهذا الشراب، والنار إذ كانت تزيد اشتعالا بشراب السوما الروحاني بعد أن تكاد تنطفئ، وكان أغني يبدو بذلك أشد قوة وأسطع نورا، عبد الآريون هذا الشراب كما عبدوا النار فأبدعوا له مدائح وصلوات، فمما جاء في الرغ ويدا:
عظموا بتليد الأناشيد ذلك الإله النقي الذي يبدو لكم بالأعمال المقدسة الممجدة للآلهة.
هو ينصب على ممصل
6
من صوف ليصفى، هو سند العالم، هو ملاك صلاة الفجر الذي يسبح الحكماء بحمده.
يستقر السوما الذي هو عين الزكاء ومنبع السعادة بآنية القربان، ويبدو ناثرا للدعاء نثر الثور للقاح في النعم.
7
وكانت لحوم القرابين تعد نافعة لتغذية الأجداد، وكان الإله أغني يحملها إليهم، ولم تكن النار لتحرقها إلا لتجعلها صالحة للتقديم إلى الآكلين من الطعام الإلهي ، وكان عدم تقريب القرابين إلى الأجداد عند الآريين كترك المرء والديه يموتان جوعا في زماننا، وما أكثر ما كانت الأسرة تأكل جالسة هي وعشيرتها من مائدة واحدة حول الموقد الداخن.
والأم إذ كانت تقاسم الأب شرف تقديم القربان وما يتطلبه هذا التقديم من عمل نفترض مساواتها له، ويتضح من كتب الويدا أن المرأة ابنة كانت أم خطيبة أم زوجة أم والدة لم تعد تلك المخلوقة المنحطة الفاقدة الشعور خلافا لاحتقار المشترع منو لها فيما بعد، فكتب الويدا تحدث عنها وعن شأنها باحترام على الدوام، جاء في كتب الويدا:
Halaman tidak diketahui