والغوند ليسوا بمحاربين مع أنهم غير جبناء، والغوند، على ما ليس فيهم ما في البهيل من غرائز الشر والاعتداء والتخريب، هم، مثل هؤلاء، لصوص، ومن أتيح لهم من الغوند أن يعيشوا في السهل حيث الحضارة لم يروا من غير الطبيعي أن يسرقوا ما يقع تحت أيديهم من أموال الهندوس أو الإنجليز النازلين بين ظهرانيهم، ويمقت الغوند الكذب مع ذلك، ويمتازون بهذا الخلق، كما يمتاز جميع وحوش الهند، من الهندوس الذين أضحى زورهم مضرب الأمثال.
والغوند في منازلهم محبون للقرى ذوو دعة، والغوند ليسوا قساة ما لم تثر حميتهم الدينية أو ما لم يهيجوا بعد أن يسكروا، فهم ينقضون إذ ذاك على قربانهم ليمزقوه بأسنانهم وأظافرهم إربا إربا، وقلما يكون مثل هذا القربان من البشر في أيامنا الحاضرة، ومن المحتمل أن يبقى أثر للقرابين البشرية في بلاد الغوند ما تفلتت آجام منيعة وهضاب وعرة وأودية وبيئة من رقابة الشرطي الإنجليزي، ولا تغيب الطقوس المضرجة إلا حيث يتصل الغوند بالأوربيين.
وفي الزمن الحالي استبدلت مجادير
27
الصفصاف أو دمى التراب أو الأزهار أو الأثمار بالعجول أو المعز أو الفراريج كقرابين إلى الآلهة، وعادت المذابح القائمة في إطار من حجر في أسفل الأشجار المقدسة لا تحمر بغير طلاء رمزا إلى ما كان يراق فيها من الدم.
وإلى العفاريت والأرواح الشريرة، على الخصوص، يقدم الغوند النذور الرمزية أو القرابين، فالإيمان بالأرواح الشريرة أمر عام بين سكان بلاد الهند الأصليين، ومما يعتقده هؤلاء السكان أن الجن يطوفون في الليل حول القرى بقصد الإضرار، فيجب أن يجدوا في المذبح ماء ليطفئوا غليلهم، وفواكه ليقتلوا جوعهم، ودما ليشفوا حرقتهم أو لونا أحمر مشئوما ليتم به خداعهم، وأوتادا مغروزة في الأرض ليضعوا عليها أقدامهم الخفية ما حظر عليهم مس الأرض وما طافوا مغاضبين بغير ذلك.
والأرواح التي تخافها شعوب الهند الفطرية فتعبدها هي أرواح الموتى، ولا سيما التي نزعت من الأجسام بخاتمة فاجعة، فإذا مات واحد منها قعصا،
28
ولو طوعا، افترض أن روحه التي نكل بها تعود لتطوف في الأماكن التي خرجت فيها، وعزي إليها من فعل الشر ما يجب دفعه بالتعزيم
29
Halaman tidak diketahui