ولم يقل محمد إنه يأتي بالخوارق مع إيمانه برسالته، وعزا المسلمون إليه خوارق كثيرة مجاراة للعنعنات الشائعة القائلة إنه لا نبوة بغير خوارق، وإليك قول مسيو كاز يميرسكي الوجيز:
انشق القمر بطلبه فرقتين على مشهد من الملأ، ووقفت الشمس بدعوته على الجبال والأرض حتى يؤدي على صلاة العصر بعد أن أفاق النبي من غفوته ورأسه على ركبتي علي الذي أخبره بأنه لم يؤدها حرصا على راحته، وكان يظهر، وهو المعتدل القامة، أطول من كل شخص يسير بجانبه، وكان النور يسطع من وجهه، ويشع من بين أصابعه حين يضع يده على وجهه، وكانت الحجارة والأشجار والنباتات تسلم عليه وتنحني أمامه، وكانت الحيوانات، كالظباء والذئاب والضباب، تكلمه، وكانت الجديان تخاطبه وهي مشوية، وكان الجن يخافونه ويؤمنون برسالته لما له من السلطان المطلق عليهم، وكان يرد البصر للعمي ويشفي المرضى ويحيي الموتى، وأنزل من السماء مائدة لعلي وأسرته حين جاعوا، وأنبأ بأن ذرية فاطمة سينالها جور وعدوان، وبأن ملك بني أمية سيدوم ألف شهر، فحدث كما أخبر ... إلخ.
وفضلا عن ذلك فإنه أثبت للمسلمين الصالحين أنه أسري بمحمد ليلا على ظهر حيوان خيالي يسمى البراق، والبراق دابة مجنحة لها وجه المرأة وجسم الفرس وذنب الطاوس، ويعتقد المسلمون أن محمدا اخترق السماوات السبع في معراجه حتى بلغ عرش الإله.
شكل 1-4: ضريح فاطمة بنت محمد في المقبرة الكبرى بدمشق (من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف).
وقيل: إن محمدا كان مصابا بالصرع، ولم أجد في تواريخ العرب ما يبيح القطع في هذا الرأي، وكل ما في الأمر هو ما رواه معاصرو محمد، وعائشة منهم، من أنه كان إذانزل الوحي عليه اعتراه احتقان وجهي فغطيط فغشيان، وإذا عدوت هوس محمد،
2
ككل مفتون، وجدته حصيفا سليم الفكر.
ويجب عد محمد من فصيلة المتهوسين من الناحية العلمية كما هو واضح، وذلك كأكثر مؤسسي الديانات، ولا كبير أهمية لذلك، فأولو الهوس وحدهم، لا ذوو المزاج البارد من المفكرين، هم الذين ينشئون الديانات ويقودون الناس، ومتى يبحث في عمل المفتونين في العالم يعترف بأنه عظيم، وهم الذين أقاموا الأديان وهدموا الدول وأثاروا الجموع وقادوا البشر، ولو كان العقل، لا الهوس، هو الذي يسود العالم؛ لكان للتاريخ مجرى آخر.
ولا يقف أي قول بخداع محمد ثانية أمام سلطان النقد كما يلوح لي، ومحمد كان يجد في هوسه ما يحفزه إلى اقتحام كل عائق، ويجب على من يود أن يفرض إيمانه على الآخرين أن يؤمن بنفسه قبل كل شيء، ومحمد كان يعتقد أنه مؤيد من الله، فيتقوى، ولا يرتد أمام أي مانع.
وجمع محمد قبل وفاته كلمة العرب، وخلق منهم أمة واحدة خاضعة لدين واحد مطيعة لزعيم واحد، فكانت في ذلك آيته الكبرى.
Halaman tidak diketahui