228

Tamadun Arab

حضارة العرب

Genre-genre

شكل 5-6: نافذتا مسجد في القاهرة (من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف).

وجربت تأثير تلك الموسيقا في المؤمنين بنفسي، وسبحت في بحر من الرؤى حين سمعتها، قال تيوفيل غوتيه موضحا هذا التأثير في الأسطر الآتية:

كان ذلك اللحن العجيب يثير في قلبي ما لا يعرف من الحنين إلى الأوطان، وكان يثير فيه ما لا يوصف من الوله والجذل، وكان يثير فيه ميلا إلى الانسياق مع التيار، وما أكثر ما كان يهيج في نفسي من الذكريات والمناظر الخيالية الجميلة الساحرة! وما أكثر ما كنت أتمثل به ما نسيت من الصور والرسوم والمشاهد والأماني اللطيفة فأترنح مسلما أمري إلى سحره! وهو المؤثر الذي يناقض ما تعودناه.

شكل 5-7: نافذة مسجد عربي (من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف).

وإذا ما دام تأثير تلك الأنغام بعض الزمن خلع أولئك الدراويش أرديتهم، ولم يبق عليهم سوى قمصهم، باسطين أذرعهم كالصليب، راقصين حول أنفسهم بانتظام، متدرجين ببطء مائلي الرؤوس، فاتحي الأفواه مغمضي العيون فاقدي المشاعر، وما كان وضع ذرعانهم المتعب، الذي لا يحتمله الإنسان في الأحوال العادية إلا لبضع دقائق؛ ليزعجهم في ربع ساعة، وما كنت لأجد في حركاتهم غير العذوبة والانتظام الرائع، فيخيل إلي أنني تهت فيما لا حد له من الأخيلة التي يعجز عن وصف سحرها القلم، قال ذلك الكاتب:

ما يرون في تلك الرؤى التي ترنحهم؟ أيرون فيها جنة محمد التي تشتمل على غابات من الياقوت، وجبال من العنبر، وقصور من الألماس، وخيام من اللؤلؤ؟ لا ريب في أنهم، في تلك الرؤى، يقبلون بمباسمهم العطرة، الحور العين البيض والخضر والحمر، ويشاهدون نور الله الساطع الذي يعشي الأبصار فتبدو الشمس بجانبه مظلمة، ويشاهدون الأرض، التي يمسكونها بطرف أباهمهم، تطوى كورقة دفتر ملقاة في كانون، ويتمايلون بهيام في صورتي الله، أي في الخلود، وفيما لا حد له.

ومتى خرج الدراويش الدوارون من ولههم وقفوا وركعوا وخرجوا من القاعة.

ولم أشاهد أذكار الدراويش الصخابين، ولكني أرى، مما وصفوا به، أنهم يدخلون في حال من التنويم كالحال التي يكون عليها الدراويش الدوارون بفعل الرقص والموسيقا، وذلك أنهم يصلون إلى درجة من عدم الإحساس ما يقدرون أن يثقبوا به أعضاءهم بآلات مذربة

1

من غير أن يشعروا بشيء كما يفعل العيساوية. (2-2) المباني الدينية

Halaman tidak diketahui