وكان الواثق شديد المحبة للباذنجان، وكان يعمل له كل يوم ألوان كثيرة، فيأكل منها كل يوم ثلاثمائة باذنجانة، فوجه إليه المعتصم يقول له: يا بني: هل أريت خليفة أعمة قط؟ قال للرسول: أبلغ أمير المؤمنين، إني قد تصدقت ببصري على الباذنجان.
وجاء بعض الثقلاء إلى بعض الظرفاء، فقال له: بلغنا عنك أن لك أربعة آلاف كلمة من الجواب المسكت، وأحب أن تعلمني بعضها، قال: سل عما بدا لك حتى أعلمك، قال: إن قال لك أحد: اسكت يا ثقيل. قال: قل له، صدقت، فخجل الرجل وانصرف.
وجلس ثقيل إلى جانب ظريف ثم قال: لعلك استثقلتني؟ قال: يعلم الله أني استثقلتك وأنت في بيتك، فكيف وأنت بجانبي؟ ورفع رجل إلى الفضل بن يحيى رقعة بيضاء، ليس فيها شيء، فقال له الفضل: يا هذا، ليس في رقعتك شيء مكتوب، فقال له: يا سيدي اكتب فيها أنت ما يليق بفضلك، فكتب فيها أن يعطى مالًا جزيلًا.
وسأل أبو العيناء أحمد بن صالح حاجة، فواعده بها، فلما طالبه بالاقتضاء، قال أحمد: ما ترى هذا الطين والمطر؟ قال أبو العيناء: فحاجتي إذن صيفية، فضحك، وقضى حاجته.
وعوتب بعضهم على ما يتعاطاه من الحمق، فقال: حمق يعولني خير من عقل أعقوله.
ونظر الحسن يومًا إلى رجل عليه بردة حسنة، وحالة جميلة، فقال: من هذا؟ فقيل له: ضراط، فقال الحسن: ما طلب أحد الدنيا بما تستحق إلا هذا.
واشترى رجل ثلاثة أرطال لحمًا، وقال لامرأته: اطبخيه، وخرج إلى شغله، فطبخته المرأة، وأكلته، فلما جاء زوجها، قال: هات ما طبخت، فقالت له: أكله السنور، فأخذ الرجل السنور ووزنه، فإذا فيه ثلاثة أرطال. فقال لها: هذا وزن السنور، فأين اللحم؟ أو هذا وزن اللحم، فأين السنور؟ وكان السمك في زمن كسرى عزيزًا، فجاء صياد بسمكة فيها ثمانية أرطال، فأمر له بأربعة آلاف درهم، فقالت له جارية: تعطي في ثمانية أرطال من سمك أربعة آلاف درهم؟ قال: فرديه، فأمرت برده ثم قالت له: سمكتك هذه ذكر هي أم أنثى؛ طمعًا في أن يقول: ذكر فتقول: أنثى نريد، أو يقول: أنثى، فتقول: ذكرًا نريد؛ ففطن الصياد، فقال لها: هي خنثى، لا ذكر ولا أنثى، فقال كسرى: زيدوه أربعة آلاف درهم أخرى، فقبض الصياد المال وانصرف، فسقط له درهم، فأكب عليه وأهذه، فقالت له الجارية: انظر خساسته وسوء أدبه، أعطيته ثمانية آلاف درهم، وآكب بحضرتك لأخذ درهم، فأمر كسرى برده، فقال: لم أسأت الأدب؟ قال: كان على الدرهم صورة الملك، فأجللته أن يقع على الأرض، فقال كسرى: أعطوه أربعة آلاف درهم، ثم قال: هذا ما يجري من النساء.
وكان رجل قاعدًا في مجلس وليمة، فكل من دخل وسعوا له، فضاق الرجل، فقام يخرج، فقيل له: إلى أين؟ قال: أخرج وأدخل عساكم أن توسعوا لي.
وقيل لأعرابي: لمن هذه الإبل؟ قال: لله وهي في يدي.
وخاطب أعرابي عبد الله بن جعفر، فقال في مخاطبته: يا أبا الفضل، فقيل له: ليس هذا كنيته، فقال: إن لم تكن كنيته فهي صفته.
وقعد أبو الحارث إلى قينة بالمدينة صدر نهاره، فجعلت تحدثه ولا تذكر الطعام، فلما طال ذلك به، قال: ما لي لا أسمع للغداء ذكرًا؟ قالت: سبحتن الله، ما تستحي، أما في وجهي ما يشغلك عن هذا؟ قال لها: جعلت فداك، لو أن جميلًا وبثينة قعدا ساعة لا يأكلان فيها لبصق كل واحد منهما في وجه صاحبه، ثم افترقا.
وحضر أبو نواس مجلسًا فيه قيان، فقلن له: أبا نواس، ليتنا بناتك، قال: نعم، ونحن على دين المجوسية؛ وذلك لأن المجوس ينكحون بناتهم.
ونظر عمران بن حطان إلى امرأته، وكانت من أحسن النساء، وكان هو من أقبح الرجال، فقال: إني وإياك في الجنة إن شاء الله، قالت: وكيف ذلك؟ قال: لأنني أعطيت مثلك فشكرت، وابتليت بمثلي فصبرت.
وجاء أعرابي إلى ابن الزبير، فقال: أعطني وأقاتل عنك أهل الشام، قال: اذهب فقاتل، فإن أغنيت أعطيتك، قال: أراك جعلت روحي نقدًا، ودراهمك نسيئة.
وقيل لأشعب: ما أحسن الفناء؟ قال: نشيش المقلاة، قيل: فما أطيب الزمان؟ قال: إذا كان عندك ما تنفق.
وكتب عامل عمان إلى عمر بن عبد العزيز ﵁، إنا أتينا بساحرة، فألقيناها في الماء فطفت على الماء، فكتب له عمر: لسنا من الماء في شيء، إن قامت عليها بينة، وإلا خل عنها.
1 / 22