ومؤخره والمراد هنا المقدم وهو يأخذ من كل جانب من آخر الناصية ويرتفع عن النزعة إلى أن يتصل بمواضع التحذيف ويمر فوق الصدغ ويتصل بالعذار واما ما يرتفع من الاذن فداخل في المؤخر والذقن بالتحريك مجمع اللحيتين اللذين فيهما منابت الأسنان السفلى والذي استفاده الأصحاب رضوان الله عليهم من هذه الرواية ان الحد الطولى للوجه من القصاص إلى طرف الذقن والحد العرضي ما حواه الابهام والوسطى وهذا التحديد يقتضي بظاهره دخول النزعتين و الصدغين والعارضين ومواضع التحذيف في الوجه وخروج العذارين عنه لكن النزعتان وان كانتا تحت القصاص فهما خارجتان عن الوجه عند علمائنا ولذلك اعتبروا قصاص الناصية وما على سمته من الجانبين في عرض الرأس واما الصدغان فهما وان كانا تحت الخط العرضي المار بقصاص من الناصية ويحويهما الإصبعان غالبا الا انهما خرجا بالنص واما العارضان فقد قطع العلامة في المنتهى بخروجهما وشيخنا الشهيد في الذكرى بدخولهما وربما يستدل على الدخول بشمول الإصبعين لهما واما مواضع التحذيف فقد أدخلهما بعضهم لاشتمال الإصبعين عليها غالبا ووقوعهما تحت ما يسامت قصاص الناصية وأخرجها آخرون لنبات الشعر عليهما متصلا بشعر الرأس وبه قطع العلامة في التذكرة واما العذاران فقد أدخلهما بعض المتأخرين وقطع المحقق والعلامة بخروجهما للأصل ولعدم اشتمال الإصبعين عليهما غالبا وعدم المواجهة بهما وإذا تقرر هذا ظهر لك ان ما فهمه الأصحاب رضي الله عنهم من هذه الرواية يقتضي خروج بعض الاجزاء عن حد الوجه مع دخوله في التحديد الذي عينه (عليه السلام) فيها ودخول البعض فيه مع خروجه من التحديد المذكور وكيف يصدر مثل هذا التحديد الظاهر القصور الموجب لهذا الاختلاف عن الإمام (عليه السلام) فلا بد من امعان النظر في هذا المقام وقد لاح لي من الرواية معنى آخر يسلم به التحديد عن القصور ودلالة الرواية عليه في غاية الظهور وهو ان كلا من طول الوجه وعرضه هو ما اشتمل عليه الابهام والوسطى بمعنى ان الخط الواصل من القصاص إلى طرف الذقن وهو مقدار ما بين الإصبعين غالبا إذا فرض اثبات وسطه وأدير على نفسه ليحصل شبه دائرة فذلك القدر هو الوجه الذي يجب غسله وذلك لان الجار والمجرور في قوله (عليه السلام) من قصاص شعر الرأس اما متعلق بقوله دارت أو صفة مصدر محذوف والمعنى ان الدوران تبدء من القصاص منتهيا إلى الذقن واما حال من الموصول الواقع خبرا عن الوجه وهو لفظ ما ان جوزنا الحال عن الخبر والمعنى ان الوجه هو القدر الذي دارت عليه الإصبعان حال كونه من القصاص إلى الذقن فإذا وضع طرف الوسطى مثلا على قصاص الناصية وطرف الابهام إلى آخر الذقن ثم أثبت وسط انفراجهما ودار طرف الوسطى مثلا على الجانب الأيسر إلى أسفل ودار طرف الابهام على الجانب الأيمن إلى فوق تمت الدائرة المستفادة من قوله (عليه السلام ) مستديرا وتحقق ما نطق به قوله (عليه السلام) وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه وبهذا يظهر ان كلا من طول الوجه وعرضه قطر من أقطار تلك الدائرة من غير تفاوت ويتضح خروج النزعتين والصدغين عن الوجه وعدم دخولهما في التحديد فان أغلب الناس إذا طبق انفراج الإصبعين على ما بين قصاص الناصية إلى طرف ذقنه وأدارهما على ما قلناه ليحصل شبه دائرة وقعت النزعتان والصدغان خارجة عنها و كذلك يقع العذاران ومواضع التحذيف كما يشهد به الاستقراء والتتبع واما العارضان فيقع بعضها داخلها والبعض خارجا عنها فيغسل ما دخل ويترك ما خرج على ما يستفاد من الرواية وحينئذ يستقيم التحديد المذكور فيها ويسلم عن القصور ولا يدخل فيه ما هو خارج ولا يخرج ما هو داخل فتأمل في ذلك فإنه بالتأمل حقيق والله سبحانه اعلم بحقايق الأمور وما تضمنه الحديث
Halaman 14