243

Guide for the Preacher to the Evidence of Sermons

دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ

Genre-genre

المال طمعًا في الأجر الجزيل من الله ﷿.
وعن عائشة ﵂ قالت: «مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ ﵌ مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ ﵌» (رواه مسلم).
ولم يقتصر ﵌ في تربيته تلك على نسائه بل حتى أولاده رباهم على القناعة؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ فَاطِمَةَ ﵂ أَتَتْ النَّبِيَّ ﵌ تَسْأَلُهُ خَادِمًا وَشَكَتْ الْعَمَلَ فَقَالَ:
«أَلَا أَدُلُّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ: تُسَبِّحِينَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدِينَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتُكَبِّرِينَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ حِينَ تَأْخُذِينَ مَضْجَعَكِ» (رواه مسلم).
• صورة من قناعة الصحابة والسلف الصالح:
وسار على منهج رسول الله ﵌ صحابته الكرام ﵃ والتابعون لهم بإحسان؛ فقد عاشوا أول الأمر على الفقر والقلة، ثم لما فتحت الفتوح واغتنى المسلمون بقوا على قناعتهم وزهدهم، وأنفقوا الأموال الطائلة في سبيل الله.
عن أَبي بردة، عن أَبي موسى الأشعري ﵁، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رسول الله ﵌ في غَزاةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، فَنقِبَت أقدَامُنَا وَنَقِبَت قَدَمِي، وسَقَطت أظْفَاري، فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أرْجُلِنا الخِرَقَ، فَسُمِّيَت غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ عَلَى أرْجُلِنَا مِنَ الخِرَقِ، قَالَ أَبُو بُردَة: فَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا الحَدِيثِ، ثُمَّ كَرِه ذَلِكَ، وقال: مَا كُنْتُ أصْنَعُ بِأنْ أذْكُرَهُ! قَالَ: كأنَّهُ كَرِهَ أنْ يَكُونَ شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ أفْشَاهُ. (متفقٌ عَلَيْهِ). (فَنقِبَت أقدَامُنَا: أي قرحت من الحفاء).
وبعث معاوية ﵁ إلى عائشة ﵂ بمائة ألف درهم.
قال عروة بن الزبير: «فوالله ما أمست حتى فرقتها، فقالت لها مولاتها:
«لو اشتريت لنا منها بدرهم لحمًا»! فقالت: «ألا قلتِ لي؟».
لقد نسيَت نفسها ﵂ وفرقت مالها، واستمرت على قناعتها بعد وفاة رسول الله ﵌.فهل تقتدي نساء المسلمين بعائشة ﵂ بدلًا من سرف الإنفاق على النفس وحظوظها والزينة؟!

1 / 262