128

Guide for the Preacher to the Evidence of Sermons

دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ

Genre-genre

من صلاته سورة الفاتحة، التي هي أم القرآن، والتي هي أفضل سورة في كتاب الله تعالى فهذه فاتحة الكتاب تضمنت هذا المعنى وهو أن الدين اتباع وليس ابتداعًا.
﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (الفاتحة:٦) فهذا هو طلبنا الذي نطلبه من الله ﷾ في كل ركعة أن يهدينا الصراط المستقيم، فما هو الصراط المستقيم؟
الصراط المستقيم هو مضمون قولنا: «إن الدين اتباع»، فالصراط المستقيم هو الإسلام، وهو هدي النبي ﵌، وهو طاعة الله ﵎ دون أن يحيد الإنسان عنها لا ذات اليمين ولا ذات الشمال، حتى قال مَن قال من السلف: «إن الصراط المستقيم أبو بكر وعمر ﵄»؛ أي الطريق الذي كان عليه أبو بكر وعمر، والسلف الصالح، فإذا قلنا القرآن، أو الإسلام، أو الدين، أو السنة، أو الخلفاء الراشدين، كل ذلك يدخل في أنه هو الصراط المستقيم الذي ندعو الله ﷾ أن يهدينا إليه.
عَنْ جَابِرٍ بن عَبْدِ اللهِ ﵄ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﵌ فَخَطَّ خَطًّا هَكَذَا أَمَامَهُ فَقَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللهِ ﷿» وخَطّ خطًّا عن يَمِينِه وخَطَّ خَطًّا عن شِمَالِه وقَالَ: «هَذِهِ سُبُلُ الشَّيْطَانِ» ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الْأَوْسَط ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. (صحيح رواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة).
فالنبي ﵌ مثَّل هذه الآية: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾ (الأنعام:١٥٣) مثلها عمَليًا مِثل وسائل الإيضاح التي تعرض على الطلبة في المدارس لتتضح لهم بعض المعالم الجغرافية أو الرياضية.
فهذا الصراط هو الإسلام وهو السنة، وهذه الخطوط: هي الأهواء والبدع والضلالات التي كثرت، والتي تكثر في كل زمان ومكان تصديقًا لما قاله الرسول ﵌: «افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَافْتَرَقَتْ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً

1 / 135