Makanan Hati dalam Penjelasan Rangkaian Adab

Muhammad ibn Ahmad al-Saffarini d. 1188 AH
53

Makanan Hati dalam Penjelasan Rangkaian Adab

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Penerbit

مؤسسة قرطبة

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1414 AH

Lokasi Penerbit

مصر

Genre-genre

Tasawuf
الْإِنْسَانِ جَوَارِحَهُ وَقَلْبَهُ عَنْ الْأَوَّلِ وَاجِبٌ وَعَنْ الثَّانِي مُسْتَحَبٌّ كَمَا يَأْتِي. فَمَنْ صَانَهَا عَنْ الْأَشْيَاءِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فَإِنَّهُ يَهْتَدِي لِلصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَالطَّرِيقِ السَّالِكِ الْقَوِيمِ الْهِدَايَةِ التَّامَّةِ، وَيَفُوزُ بِالنَّجَاةِ وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَسْلَمُ مِنْ الْقُيُودِ وَالْأَغْلَالِ، وَيَكُونُ لَهُ فِي مَيْدَانِ الصَّالِحِينَ مَجَالٌ. وَمَفْهُومُ نِظَامِهِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَصُنْ جَوَارِحَهُ عَنْ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ يَكُونُ عَنْ السَّلَامَةِ بِمَعْزِلٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ وَلَمْ يُرَاقِبْهُ فِيمَ نَهَى وَأَمَرَ. وَقَدْ أَوْصَى اللَّهُ بِتَقْوَاهُ، فَالتَّقْوَى وَصِيَّةُ اللَّهِ لِلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، قَالَ تَعَالَى ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: ١٣١] وَقَالَ تَعَالَى ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ [آل عمران: ١٠٢] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُطَاعُ فَلَا يُعْصَى، وَيُذْكَرُ فَلَا يَنْسَى، وَيُشْكَرُ فَلَا يُكْفَرُ، وَخَرَّجَهُ الْحَاكِمُ مَرْفُوعًا. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: وَشُكْرُهُ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ فِعْلِ الطَّاعَاتِ. وَمَعْنَى ذِكْرِهِ فَلَا يُنْسَى ذِكْرُ الْعَبْدِ بِقَلْبِهِ لِأَوَامِرِ اللَّهِ فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ فَيَمْتَثِلُهَا، وَلِنَوَاهِيهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَيَجْتَنِبُهَا. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْقُدْوَةُ الزَّاهِدُ الْعَابِدُ الْعَارِفُ عِمَادُ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ الَّذِي قَالَ فِي حَقِّهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إنَّهُ جُنَيْدُ وَقْتِهِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الْمُعْتَبَرِينَ، فِي رِسَالَتِهِ الَّتِي كَتَبَهَا لِجَمَاعَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ يَحُثُّهُمْ عَلَى مُتَابَعَتِهِ وَيُعَظِّمُهُ فِي نُفُوسِهِمْ وَيَذْكُرُ لَهُمْ مِنْ حَقِّهِ مَا يَجِبُ. قَالَ فِي أَوَّلِ الرِّسَالَةِ: وَأَبْدَأُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنِّي أُوصِي نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَهِيَ وَصِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى إلَيْنَا وَإِلَى الْأُمَمِ مِنْ قَبْلِنَا كَمَا بَيَّنَ ﷾ قَائِلًا وَمُوَصِّيًا ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: ١٣١] وَقَدْ عَلِمْتُمْ تَفَاصِيلَ التَّقْوَى عَلَى الْجَوَارِحِ وَالْقُلُوبِ بِحَسَبِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَحْوَالِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ وَالْإِرَادَاتِ وَالنِّيَّاتِ. وَيَنْبَغِي لَنَا جَمِيعًا أَنْ لَا نَقْنَعَ مِنْ الْأَعْمَالِ بِصُوَرِهَا حَتَّى نُطَالِبَ قُلُوبَنَا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى بِحَقَائِقِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَلْيَكُنْ لَنَا هِمَّةٌ عُلْوِيَّةٌ تَتَرَامَى إلَى أَوْطَانِ الْقُرْبِ وَنَفَحَاتِ الْمَحْبُوبِيَّةِ وَالْحُبِّ، فَالسَّعِيدُ مَنْ حَظِيَ مِنْ ذَلِكَ بِنَصِيبٍ وَكَانَ سَيِّدُهُ وَمَوْلَاهُ مِنْهُ عَلَى سَائِرِ الْأَحْوَالِ قَرِيبًا، إلَى أَنْ قَالَ: وَلْيَكُنْ لَنَا جَمِيعًا مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سَاعَةٌ نَخْلُو فِيهَا بِرَبِّنَا جَلَّ اسْمُهُ، وَتَعَالَى قُدْسُهُ، نَجْمَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ هُمُومَنَا، وَنَطْرَحُ أَشْغَالَ الدُّنْيَا عَنْ قُلُوبِنَا، فَنَزْهَدُ فِيمَا سِوَى اللَّهِ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَبِذَلِكَ يَعْرِفُ

1 / 60