162

Makanan Hati dalam Penjelasan Rangkaian Adab

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Penerbit

مؤسسة قرطبة

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1414 AH

Lokasi Penerbit

مصر

Genre-genre

Tasawuf
بِإِعْلَانِ الْغِنَاءِ. قَالَ وَأَمَّا غِنَاءُ الْقَيْنَاتِ فَذَلِكَ أَشَدُّ مَا فِي الْبَابِ لِكَثْرَةِ الْوَعِيدِ الْوَارِدِ فِيهِ، وَهُوَ مَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «مَنْ اسْتَمَعَ إلَى قَيْنَةٍ صُبَّ فِي أُذُنَيْهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» الْآنُكُ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ الرَّصَاصُ الْمُذَابُ. وَقَدْ جَاءَ تَفْسِيرُ لَهْوِ الْحَدِيثِ بِالْغِنَاءِ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ ﷺ. فَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْحُمَيْدِيِّ وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَاللَّفْظُ لِلتِّرْمِذِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَاتِ وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ فَلَا خَيْرَ فِي تِجَارَتِهِنَّ فَهُنَّ وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ» فِي مِثْلِ هَذَا نَزَلَتْ الْآيَةُ ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [لقمان: ٦] قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مَدَارُهُ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْقَاسِمِ فَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ ثِقَةٌ وَالْقَاسِمُ ثِقَةٌ وَعَلِيٌّ ضَعِيفٌ، إلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ شَوَاهِدُ وَمُتَابَعَاتٌ مَعَ مَا اعْتَضَدَ بِهِ مِنْ تَفْسِيرِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَالتَّابِعِينَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁: وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ هُوَ الْغِنَاءُ يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَعْنِي لَهْوَ الْحَدِيثِ وَصَحَّ ابْنُ عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُ الْغِنَاءُ. قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ: لِيَعْلَمَ طَالِبُ هَذَا الْعِلْمِ أَنَّ تَفْسِيرَ الصَّحَابِيِّ الَّذِي شَهِدَ الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ: هُوَ عِنْدَنَا فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ. قَالَ فِي إغَاثَةِ اللَّهْفَانِ: وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ تَفْسِيرِ مَنْ بَعْدَهُمْ، فَهُمْ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ بِمُرَادِ اللَّهِ مِنْ كِتَابِهِ، فَعَلَيْهِمْ نَزَلَ وَهُمْ أَوْلَى مَنْ خُوطِبَ بِهِ مِنْ الْأُمَّةِ، وَقَدْ شَاهَدُوا تَفْسِيرَهُ مِنْ الرَّسُولِ عِلْمًا وَعَمَلًا، وَهُمْ الْعَرَبُ الْفُصَحَاءُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْ تَفْسِيرِهِمْ مَا وُجِدَ إلَيْهِ سَبِيلٌ. وَلَا نُعَارِضُ بَيْنَ تَفْسِيرِ لَهْوِ الْحَدِيثِ بِالْغِنَاءِ وَتَفْسِيرِهَا بِأَخْبَارِ الْأَعَاجِمِ وَمُلُوكِهَا وَمُلُوكِ الرُّومِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا كَانَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ بِهِ أَهْلَ مَكَّةَ يَشْغَلُهُمْ عَنْ الْقُرْآنِ، لِأَنَّ كِلَيْهِمَا لَهْوٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْغِنَاءَ أَشَدُّ لَهْوًا مِنْ أَخْبَارِ الْمُلُوكِ وَأَعْظَمُ ضَرَرًا، فَإِنَّهُ رُقْيَةُ الزِّنَا، وَشَرَكُ الشَّيْطَانِ، وَخَمْرَةُ الْعُقُولِ، وَيَصُدُّ عَنْ الْقُرْآنِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْكَلَامِ الْبَاطِلِ لِشِدَّةِ مَيْلِ النُّفُوسِ إلَيْهِ وَرَغْبَتِهَا فِيهِ. وَقَالَ فِي اسْمِ الزُّورِ وَاللَّغْوِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: ٧٢] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ

1 / 169