الحذر والتشدد في النقل عن رسول الله تدينا، فلا سبيل لتهمة الكذب، بل كان الخوف من الخطأ والنسيان، وجرى الحرص على صحة المنقول وثبوته.
٢ - عهد كبار التابعين ﵏:
وهو فترة نشط فيها الاهتمام بالإسناد، والتعرف على أحوال الرجال، وقد تقدم قول ابن سيرين ﵀: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدعة فلا يؤخذ حديثهم، وقد تبع هذا القول اتجاهان متضادان في شأن التدوين للسنة وما يتعلق بها من آراء شخصية: فالصدر الأول من التابعين تأثروا بمنهج الأصحاب في عدم الرضى عن كتابة ما سوى القرآن الكريم (١)، وآخرون من التابعين منهم: سعيد بن جبير، وكان يقول: كنت أسير بين ابن عمر وابن عباس، فكنت أسمع الحديث منهما، فأكتبه على واسطة الرحل حتى أنزل فأكتبه (٢)، وسعيد بن المسيب رخص لعبد الرحمن بن حرملة في الكتابة حين شكا إليه سوء الحفظ (٣)، والشعبي كان يقول: الكتابة قيد العلم، إذا سمعتم مني شيئا فاكتبوه ولو في حائط، ووجد له بعد موته كتاب في الفرائض والجراحات (٤)، فهؤلاء وغيرهم من التابعين رأوا ضرورة تقييد العلم
_________
(١) انظر (تذكرة الحفاظ ١/ ٥، تقييد العلم ٥٠، وجامع بيان العلم ١/ ٦٤).
(٢) تقييد العلم ١٠٣، وجامع بيان العلم وفضله ١/ ٧٢.
(٣) تقييد العلم ٩٩، وجامع بيان العلم وفضله ١/ ٧٣.
(٤) المحدث الفاصل ص ٣٧٥ رقم ٣٥٠، وتقييد ص ٩٩.
1 / 8