وكان ولي العهد، الأمير جورج، موضع احترام الجميع؛ لسلوكه الذي لا غبار عليه، واهتمامه بشئون أسرته وأمته. وفي ذات يوم من ذلك العام، صرح الأمير جورج لابنه الثاني، الأمير هنري، بالذهاب إلى حفلة خاصة للأطفال تقيمها اللادي ليستر.
ولما وصل الأمير هنري الصغير إلى قصر اللادي ليستر، قدمته ربة المنزل إلى زملائه وزميلاته من صغار الفتيان والفتيات في الحفلة، وقد التف الصغار جميعا حول الأمير يحدقون النظر في وجهه، وقد عقدت الدهشة ألسنتهم لما عرفوا بمقام زميلهم ومركزه.
ولكن فتاة واحدة من بين حاضرات الحفلة لم تهتم بالضيف الجديد، واستمرت تأكل ما وصلت إليه يدها من الحلوى دون أن تعبأ بأي شيء آخر؛ مما أدى إلى استياء أصحاب الحفلة، فأقبلوا عليها وهزوها من كتفها تنبيها لها إلى ما يجب مراعاته من آداب اللياقة في حضرة الأمير الصغير.
وتنبه الأمير هنري أخيرا إلى ما يحدث حوله؛ فحول عينيه ناحية الثائرة الصغيرة وألقى عليها نظرة، فوجدها فتاة ذات عينين زرقاوين وشعر متجعد، وكانت نظرته نظرة الغاضب؛ لأن الصغيرة لم تفهمه، ولم تقدر سمو مركزه وما يجب أن تظهره أمامه من احترام.
وكانت تلك الصغيرة هي اليصابات بوزليون.
بعد 13 عاما
جلالة جورج السادس؛ الملك والإمبراطور.
مر 13 عاما تخللتها حوادث كثيرة هامة، فلم يعد الأمير هنري هو الأمير الصغير الذي يرتدي السراويل القصيرة. ولو أنه كان صغير السن في عام 1918، إلا أنه صار فتى صقلته التجارب؛ إذ اشترك في الحرب وقام بنصيبه في معركة جتلند على ظهر البارجة كولينجوود. وقد عرف الأمير منذ ابتدأت الحرب في عام 1914 أن الأمر جد كل الجد، وخاصة إذ مر والده المرحوم جورج الخامس مرة يستعرض بعض البحارة، وكان هو بينهم، وكاد الولد يخرج من بين الصفوف ويتجه نحو والده الملك لكي يحييه، ولكن والده مر به دون أن يظهر على وجهه ما يدل على أنه يعرف أن ولده الثاني، الأمير هنري، يوجد بين صفوف البحارة الذين يستعرضهم.
واضطر الولد أن يحيي والده مثل غيره من جنود البحر دون أن ينبس ببنت شفة.
وفي عام 1920، نصب الأمير هنري دوقا على يورك، وكان قد ذهب قبل ذلك الوقت بمدة قصيرة إلى حفلة راقصة أقيمت عند سيدة كبيرة في لندن، وهناك قابل فتاة ذات عينين رقيقتين، كانت هي بنفسها الصغيرة التي رفضت في الماضي، وحين كانت سنها لا تزيد عن ستة أعوام، أن تخضع لأحكام البروتوكول، ولكنها صارت اليوم فتاة بسيطة ممتثلة.
Halaman tidak diketahui