وقد خلد الروائي الإنجليزي المشهور السير ولتر سكوت صورة آمي روبزارت في روايته «كنيلورث» لملايين القراء، وتناقل عنه الكتاب الأجانب بعد ذلك هذه الصورة، وجعلوها بطلة من أبطال كثير من القصص في فرنسا وإيطاليا وألمانيا.
كليوباترا ومارك أنطوني
مع يوليوس قيصر
وصلت كليوباترا إلى العرش بوساطة مؤامرة دبرتها ضد شقيقها الذي كان شريكها في العرش تبعا للتقاليد القديمة، وكانت سنه إبان حكمهما المشترك إحدى عشرة سنة، وسنها ثمانية عشر عاما، وكانا يحكمان مصر على اعتبار أنها مستعمرة رومانية، واستمر حكمهما المشترك ثلاثة أعوام، ثم حدث أن تخاصما لسبب قد تكون الغيرة هي الباعث الأكبر عليه. وكان من نتائج خصامهما أن شبت الحرب الأهلية بمصر، تلك الحرب التي كانت سببا في اتصال كليوباترا بحبيبها الأول يوليوس قيصر.
وهناك فك اللفة فخرجت الملكة منها تبتسم.
كان يوليوس قيصر هو سيد العالم في ذلك الوقت، وكان قد انتهى من نزاعه مع بومبي، وكان محور النزاع هو الإمبراطورية الرومانية، وخرج يوليوس قيصر منتصرا من هذا النزاع، وعاد إلى روما، ولكنه ما لبث أن سمع بحدوث ثورة في مصر أشعلتها قوات بومبي، فأسرع إلى مصر. وأسرعت كليوباترا إلى مقابلة قيصر؛ لأنها عرفت أنه أقوى حليف يمكن أن تعتمد عليه في نزاعها مع شقيقها.
كان قيصر بالإسكندرية، وكانت كليوباترا وجيشها في معزل عنه؛ إذ حرم عليها الانتقال، فكيف تصل إلى قيصر؟ أخيرا رأت أن تكلف خادمها أبلدورس أن يحزمها في لفة كبيرة ويحملها في قارب إلى الشاطئ! وهكذا تم. وحمل أبلدورس اللفة على ظهره، وأخذ يسعى حتى تمكن من المثول بحضرة قيصر وهو يحمل هديته، وهناك فك اللفة ونزلت الملكة تبتسم. وكم أعجب القيصر بذكاء كليوباترا لهذه الفكرة!
كانت سن قيصر إذ ذاك خمسة وأربعين عاما، وسن كليوباترا واحدا وعشرين عاما، ولكن هذا الفرق لم يمنع من توثق العلاقة بين الاثنين. كان قيصر رجلا قويا وجنديا شجاعا، كذلك ظهرت له هي مخلوقا ناعما لطيفا كفيلا بأن ينسيه متاعب الحروب؛ إذ كانت صغيرة الجسم، ظريفة الشكل، سوداء العينين والشعر.
ليس من المستغرب بعد ذلك أن يصغي قيصر إلى مشاريع ملكة مصر الصغيرة التي ملكت لبه بسحر جمالها أولا، ورقة حديثها ثانيا.
كان للشئون السياسية دخل كبير فيما نشأ بينهما من حب، فإذا كانت كليوباترا قد سعت لأن تعقد محالفة مع قيصر لصالحها وصالح مصر، فقد سعى هو أيضا لأن يحكم مصر حكما قويا بوساطة كليوباترا. ومع ذلك يقال: إن قوة الحب الأول تجلت في غرام كليوباترا بقيصر، ذلك الغرام الذي أنساها الشئون السياسية كلها. ولقد قضيا معا أوقاتا هنيئة، وكانت الحياة بقصر الإسكندرية سلسلة متصلة من السعادة، وعلى الرغم من مئات المهام التي كانت تثقل كاهل قيصر وتدفعه إلى السفر والرحيل عن مصر، وليس أقلها شأنا وجود زوجته في روما، على الرغم من ذلك دفعه جمال كليوباترا وسحرها إلى البقاء بمصر، مع أنه كان قد أنهى إخضاع المملكة، ولم يبق أي سبب يدفعه إلى البقاء. مع ذلك ظل بمصر مدة عام كامل، وقبل أن يرحل ولد لكليوباترا منه طفل صغير دعي «قيصرون»؛ أي قيصر الصغير.
Halaman tidak diketahui