بعد هذا كله كان يجب أن تفكر مليا قبل أن ترفض طلب الملك كما رفضته في المرات السابقة، وكرر الملك طلبه بإلحاح فقال: إنك عندما تصيرين زوجتي تكونين في أمان من أحداث الدهر، ولن يكون لمخلوق أي سلطة عليك، فدعيني أتولى حمايتك والدفاع عنك!
وامتثلت الوصيفة دراجا لأمر الملك وقبلت طلبه! وذاع خبر عزم الملك على الزواج من وصيفة والدته؛ فأحدث الخبر دويا هائلا في البلاد، وأسرع الوزراء إلى الملك وتقدموا إليه بالرجاء حتى يعدل عن هذا الزواج، وأخذوا يشرحون له ما قد يفضي إليه من نتائج سيئة، ولكنه لم يهتم بكلامهم، وغضب عليهم ثم قال لهم محتدا: ليست هناك غير امرأة واحدة في هذا العالم أحبها وأفضلها على كل شيء، حتى على التاج! هذه المرأة وحدها قادرة على إسعادي، وعلى مقربة منها فقط يمكن أن أنسى متاعبي وآلامي، فأنا أريد هذه المرأة زوجا لي مهما كانت النتيجة.
وعلى الرغم من إرادة الجميع تزوج الملك إسكندر من دراجا ماشين فصارت ملكة صربيا.
الأب والزواج
ولد الملك إسكندر أوبرينوفتش في عام 1876، وقد تولى الحكم في عام 1889 وهو لا يزال في الثالثة عشرة من عمره؛ بسبب استقالة والده لأسباب سياسية، وقد عين عليه إذ ذاك بعض الأوصياء، ولكنه لما بلغ السابعة عشرة من عمره في عام 1893 أخذ مقاليد الحكم في يده.
وكان والده الذي اعتزل العرش يعيش في باريز، وهو يتتبع أخبار ابنه وبلاده باهتمام، فلما سمع برغبته في الزواج من دراجا اشتد غضبه وتردد في تصديق الخبر، ولكنه لما تأكد منه حنق على ابنه، ونقل عنه أنه قال لأحد جلسائه: إنه لخبر مرعب حقا يكاد لا يصدق! إنني على ثقة من أن الصربيين لا يرضون بمثل هذه المرأة ملكة عليهم! هل يرتكب ابني إسكندر هذه الفعلة الشنعاء، ابني الوحيد! إنها امرأة كفيلة بأن تلحق به العار الأبدي! لقد كنت دائما أخاف على ابني من أن يقع في حبائل النساء سيئات الخلق، وها هو ذا قد وقع فعلا، وسيجر العار على أسرتي كلها، أسرة أوبرينوفتش العظيمة.
وتم زواج الملك إسكندر من دراجا في عام 1900، فأحدث استياء عاما في طول البلاد وعرضها، وبدأ أعداؤها وحسادها يدبرون لها المؤامرات. أما زوجها فكان حبه لها بعد الزواج قد ازداد، حتى إنه أخذ يدللها، ويجيب كل طلباتها، وينفذ جميع رغائبها؛ فيزيد بذلك من كراهية الشعب لها.
الدعوة ضد العرش
وأخذ الفوضويون يبثون الدعوة ضده في البلاد، وينادون في الناس بوجوب «تطهير العرش ممن دنسته»، ويبالغون في أخبار تبذيرها وإسرافها، كما ادعوا أنها لا تريد أن تخلف لزوجها ولدا يكون ولي العهد، حتى تمهد السبيل لارتقاء شقيقها عرش البلاد! وكانت هذه التهم الخطيرة تلقى أذنا صاغية من كثيرين، وخاصة بين رجال الجيش.
وفي ليلة 11 يونيو من عام 1903، دخل الملك إسكندر مع زوجته الملكة دراجا مخدعهما ليناما وهما لا يعرفان شيئا مما خبأه لهما القدر، ولما ساد السكون في القصر الملكي، وخفت كل صوت، انسل بعض الضباط المتآمرين إلى القصر من باب خلفي بعد أن رشوا الحراس هناك.
Halaman tidak diketahui