وقد ساد التنافس بين الأحزاب في إبان حكم الملك الصغير كما هي العادة، وأهملت المرافق الحيوية للبلاد، وأخذ جميع العقلاء والزعماء يوجسون خوفا على مستقبل رومانيا، ويتطلعون إلى الرجل الذي يمكنه إنقاذ البلاد من حالة الفوضى التي تردت إليها.
ولم يكن ذلك الرجل البعيد عن بلاده، ولم تكن السيدة التي إلى جانبه، لم يكن أحدهما غافلا عن الحالة وعما يدعو الواجب إلى عمله.
العودة
على الرغم من تعهد الأمير كارول بعدم العودة إلى رومانيا قبل انقضاء عشر سنوات على تنازله، وبدون الحصول على تصريح من الملك، حدث في يوم 7 يونيو من عام 1930، أن وصل سموه على متن طائرة فرنسية إلى كلوزنبرج في مقاطعة ترنسلفانيا، فاستقبله لفيف من الضباط بمظاهر الحماسة ورحبوا به، ومن كلوزنبرج استقل طائرة رومانية نقلته إلى بوخارست العاصمة، ومن مطار بوخارست ركب سيارة إلى القصر الملكي. وكان أفراد الشعب قد عرفوا بعودته فاجتمعوا في الطرقات وهتفوا له بحماس شديد! ولما وصل إلى القصر استقبله الحرس الملكي استقبالا وديا، وعانقه شقيقة الأمير نيقولا عضو مجلس الوصاية على العرش.
وقد دبرت عودة الأمير كارول إلى عرش رومانيا تدبيرا محكما، ووضعت خططها بعناية وحذر، وقد انتشر نبأ عودته في جميع أنحاء البلاد بسرعة البرق. ولما بلغ مسامع النواب في مجلسهم تعالى هتافهم. وكل ذلك لأن الشعب كان قد مل حالة الفوضى وتنازع الأحزاب على الحكم، والفساد السياسي الذي أخذ في الانتشار، واعتبر الأمير كارول لذلك منقذ البلاد، كما انضم الجيش إلى جانبه.
وتمهيدا لعودة الأمير كارول أبلغ أصدقاءه في فرنسا قبل خمسة أيام من تاريخ عودته أنه قد قطع علاقته بالسيدة ماجدا لوبيسكو التي كان يقيم معها في قصره بمقاطعة نورمنديا. وقد نشر أصدقاؤه الخبر الذي كان له أحسن الأثر في رومانيا، وكان من العوامل التي ساعدت على ترحيب الشعب به.
وكان رئيس الوزراء، المسيو مانيو، والأمير نيقولا يعلمان بموعد وصوله إلى العاصمة؛ ولذلك وقفا عند باب القصر الملكي لاستقباله عند وصوله، وكان معهما مدير البوليس. أما والدته الملكة ماري فلم تكن تعرف شيئا عن عودته؛ ولذلك فإنها كانت قد اجتازت الحدود الرومانية عند منتصف الليل في طريقها إلى «أوبرمرجاو»؛ حيث تمثل رواية آلام المسيح في كل عام.
وأما زوجته الأميرة هيلانة، فلم تشأ أن تضع العراقيل في طريقه، أو بالأحرى لم يكن في وسعها أن تفعل ذلك، ولكنها لم تخف ميلها إلى عدم استئناف الحياة إلى جانبه.
وقد اختلف أعضاء وزارة المسيو مانيو بشأن الخطة التي يجب على الوزارة أن تتبعها إزاء عودة الأمير كارول، ولما اشتد الخلاف استقالت الوزارة، وقبل مجلس الوصاية استقالتها، وكلف المسيو ميرونسكو، وزير الخارجية في الوزارة المستقيلة، بتأليف الوزارة الجديدة في الحال، فألفها بعد ساعة واحدة من استقالة وزارة المسيو مانيو.
وفي يوم 8 يونيو، اجتمع كل من مجلسي النواب والشيوخ على حدة، وقررا إلغاء وثيقة تنازل الأمير كارول عن العرش، وعين الملك ميخائيل وليا للعهد؛ فصار أميرا من جديد.
Halaman tidak diketahui