أنت تدري يا مولاي مقدار خوفك على حياتك؛ حتى أنك حصنت قصرك وجمعت من حولك الرجال بالسلاح، كل ذلك حرصا على حياتك، وأنت فرد من الناس فكم بالحري يليق بنا، نحن الأمة بأسرها، أن نحرص أيضا على عقولنا وأن ندافع عنها، وهي أشرف ما وهبه لنا الله تعالى.
فإن كنا لا نقوى الآن على مقاومتك بالقوة، فإننا نحاول مقاومتك بالبرهان، فإن لم تصغ اليوم لأصوات عقولنا، اضطرك الإهمال يوما ما إلى الإصغاء لصوت جهوري هو صوت الشعب، والعياذ بالله من الشعب إذا اتحد واتفق وأراد أن يدرك غاية شريفة معلومة فيها خيره، فإن السلاطين لا تكون أمام ذلك البحر الزاخر والتيار القوي إلا:
كريشة في مهب الريح خافقة
لا يستقر لها حال من القلق
فأشفق يا مولاي على نفسك من ذلك اليوم الرهيب.
وإني أدون في هذا الكتاب بعض المساوئ الحاصلة وأرفعها هدية إلى معاليك، لعل وصف أعمالك الظالمة وعمالك الأدنياء يؤثر عليك، إذن تتمثل لعينيك في كتاب على حدة سينتشر بين الناس في عدة لغات فاقبله غير مأمور، والأمر والفرمان لولي النعم.
المؤلف
فائدة من خبير لا يقرؤها إلا المصري
ربما يظن بعض إخواني من أهالي مصر أن في ما سأورده في هذا الكتاب بعض مبالغة؛ ولذلك فإنني أنشر هنا رسالة وردت إلي من حضرة الكاتب الفاضل كليانتس أفندي فيلبيذس الخبير بأحوال الآستانة، ومعلوم أن حضرته رافق سمو الخديوي في زيارته الأولى إلى الآستانة، فأخباره تؤخذ عن ثقة إن شاء الله، قال:
صديقي محرر المشير الفاضل
Halaman tidak diketahui