إني أشعر بما يغريني بأن أدعوكم لكي تنضموا إلى هدم هذا النظام الذي وقعنا فيه نحن وأنتم، ولكني أشعر أيضا بأنني لا أستطيع ذلك الآن لأننا لم نبلغ بعد هذه الحال من الرغبة في بذل النفس، وضبطها، لكي نحقق هذا الاتحاد. ولكني أطلب إليكم أن تساعدونا في شيئين هما:
مقاطعة القماش الأجنبي.
ومقاطعة المشروبات الروحية.
فإن أقمشة لنكشير، كما أوضح ذلك المؤرخون الإنجليز، قهرت الهند على قبولها، بينما منسوجات الهند قد دمرت تدميرا منظما مقصودا. ولم تصبح الهند بذلك تحت رحمة إنجلترا وحدها بل أصبحت تحت رحمة اليابان وفرنسا وأمريكا. وانظروا أنتم الآن إلى مغزى هذا العمل، فإننا نرسل كل عام، في طلب الأقمشة الأجنبية نحو أربعين مليون جنيه، مع أننا نزرع من القطن ما يكفي حاجتنا من القماش. وإذن أليس من الجنون أن نرسل قطننا إلى الأقطار الأجنبية ثم نعود فنجلبه منها وهو مصنوع، وهل كان من العدل أن تحطموا الهند إلى هذه الحال؟
لقد كنا قبل 150 سنة ننسج جميع أقمشتنا، وكان نساؤنا يغزلن في القرى ويساعدن أزواجهن بذلك على العيش، وكان الغزل جزءا متمما للاقتصاد الوطني في بلاد زراعية مثل بلادنا، وكان يشغل فراغنا بطريقة طبيعية. ولكن نساءنا نسين الآن فن الغزل، وقهر الملايين من السكان على أن يبقوا في عطلة تزيد فاقتهم، حتى صار كثير من النساجين يشتغلون بكنس الشوارع، بينما كثير غيرهم قد تجند في الجيش يعمل مأجورا في العسكرية. وباد نصف النساجين الفنيين بينما النصف الآخر ينسج أقمشته بالغزل الأجنبي لأنه لا يجد غزلا هنديا.
ولعلكم تدركون الآن معنى مقاطعة الأقمشة الأجنبية، فإننا لا نتخذ هذه الخطة للعقاب، ولو أننا نلنا استقلالنا الآن لما كففنا عن المقاطعة، وأقل ما يعنيه الاستقلال أن نكون قادرين على أن نصون الصناعات الهندية التي تتعلق بها حياة الكيان الاقتصادي للأمة، وأن نمنع تلك الواردات التي تضر بهذا الكيان الاقتصادي. والزراعة والغزل كلاهما يؤلف رئتي الجسم الوطني، ويجب أن نحميهما من السل مهما كلفنا ذلك.
وهذه المسألة لا تجيز لنا التمهل والانتظار، ولا يمكننا أن نلتفت إلى مصالح أصحاب المصانع الأجنبية أو مصالح المستوردين من الهنود، لأن الأمة تموت الآن لحاجتها إلى صناعة أخرى تلحق بالزراعة هي صناعة الغزل.
ويجب ألا تخطئوا وتحسبوا أننا نقصد إلى مقاطعة جميع البضائع الأجنبية، فإن الهند لا ترغب في إقفال أبوابها دون التجارة العالمية. وتلك الأشياء التي تصنع عند الأمم الأخرى بأحسن مما تصنع عندنا يجب، مع استثناء الأقمشة، أن نقبلها مع الشكر بشروط يتبادل فيها الطرفان المنفعة. ولن تقبل الهند شيئا تقهر عليه. ومع أني لا أحب أن أطل من الآن على المستقبل فإني أقول إني أؤمل أن تستطيع الهند قريبا أن تتعاون مع إنجلترا على أساس المساواة بينهما، وعندئذ يمكن بحث العلاقات التجارية بينهما، ولكني الآن أناشدكم المعونة لتحقيق مقاطعة الأقمشة الأجنبية.
ثم تبقى بعد ذلك المسألة الثانية، وهي مقاطعة المشروبات الروحية. فإن الحانات لعنة مفروضة على الأمة ولا يمكن الصبر عليها، ولم تكن الهند في أي وقت من الأوقات متنبهة لهذه المسألة كما هي الآن، وإني أصرح هنا بأن رجال الدين في الهند هم الذين يمكنهم أن يعاونوا في هذه المسألة أكثر منكم، ولكني أحب منكم أن تكشفوا عن نياتكم، فإن الأمة الهندية ستلح على منع المشروبات الروحية منعا باتا مهما كان نظام الحكومة. ويمكنكم أن تساعدوا على نمو هذه الحركة بأن تضموا نفوذكم إلى جهود الأمة. وإني صديقكم الأمين.
الفصل الثاني والعشرون
Halaman tidak diketahui