فأدرك الشيخ أن في الأمر سرا يهمه استطلاعه فقال: ومن هما رفيقاك؟ قال: لا أدري من هما، ولكنني صحبتهما من جوار دمشق على أن آتي بهما بصرى ثم أعود، وهما اللذان قصا علي كرامات الشيخ الناسك.
قال الشيخ: لماذا لا يتأتيان إلى هنا فأقص عليهما من نبأ الشيخ الناسك وما يغنيهما عن التعب الكثير. •••
تحول الرجل إلى رفيقيه، وسار الشيخ في أثره حتى أقبل على الرجلين، وكانا جالسين تحت الشجرة، فلما رأيا رفيقهما ومعه آخر تبرما كأنهما استاءا من ذلك. أما الشيخ فلم يكد يراهما حتى عرف أنهما عامر وعبد الرحمن، ففرح فرحا عظيما ولكنه تجلد وأراد أن يمتحنهما، فلما أطل عليهما رحبا به وهما لا يعرفانه لتغير هيئته، فقال لهما: ماذا تريدان من الشيخ الناسك؟ لعلكما من أهله؟
فقال له عامر: لسنا من أهله، ولكننا عرفناه في دمشق وأحببنا أن نلقاه، فهل رأيته؟
قال: لقيته في دير بحيراء، ولكنكم إذا ذهبتم إليه فلن تجدوه هناك.
قال عامر: وأين نجده؟
فالتفت الشيخ إلى رفيقهما وخاف من التصريح أمامه فقال لعامر: إذا شئت أن ترى الشيخ الناسك فإني أدلك على مكانه في هذه الساعة تعال معي.
وكان عبد الرحمن جالسا يسمع حديث عامر والشيخ ولا يتكلم، فلما سمعه يقول ذلك، نهض ونهض عامر، ومضيا حتى بعدا عن الشجرة، ودنوا من القصر فقال الشيخ: إن الشيخ الناسك مقيم بهذا القصر.
فقال عبد الرحمن: ما زلت منذ صباح هذا اليوم وأنا أنظر إلى هذا القصر فلم أجد فيه غير شخص يظهر أنه في ريعان الشباب، وقد استغربنا مقامه وحده هنا.
قال وقد رفع صوته: يا للعجب! أقول لكم قولا فلا تصدقونني؟!
Halaman tidak diketahui