216

Garden of the Devout

روضة العابدين

Penerbit

مكتبة الجيل الجديد

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

Lokasi Penerbit

صنعاء - اليمن

Genre-genre

من تكلم عن ذلك الإمام الغزالي، وسأذكر كلامه في ذلك ثم أعقب عليه بثلاثة أسباب أخرى. قال ﵀: " اعلم أن قيام الليل عسير على الخلق إلا على من وفق للقيام بشروطه الميسرة له ظاهرًا وباطنًا. فأما الظاهرة فأربعة أمور: الأول: أن لا يكثر الأكل فيكثر الشرب فيغلبه النوم ويثقل عليه القيام، كان بعض الشيوخ يقف على المائدة كل ليلة ويقول: معاشر المريدين، لا تأكلوا كثيرا، فتشربوا كثيرا، فترقدوا كثيرا، فتتحسروا عند الموت كثيرا. الثاني: أن لا يتعب نفسه بالنهار في الأعمال التي تعيا بها الجوارح وتضعف بها الأعصاب؛ فإن ذلك أيضًا مجلبة للنوم. الثالث: أن لا يترك القيلولة بالنهار؛ فإنها سنة للاستعانة على قيام الليل. الرابع: أن لا يحتقب الأوزار (^١) بالنهار (^٢)؛ فإن ذلك مما يقسي القلب، ويحول بينه وبين أسباب الرحمة، قال رجل للحسن: يا أبا سعيد، إني أبيت معافى وأحب قيام الليل وأعد طهوري فما أبالي أن لا أقوم، فقال: ذنوبك قيدتك. وكان الحسن ﵀ إذا دخل السوق فسمع لغطهم ولغوهم يقول: أظن أن ليل هؤلاء ليل سوء؛ فإنهم لا يقيلون. وقال الثوري: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته، قيل: وما ذاك الذنب؟ قال: رأيت رجلًا يبكي فقلت في نفسي: هذا مراء … وهذا لأن الخير يدعو إلى الخير والشر يدعو إلى الشر .. فالذنوب كلها تورث قساوة القلب وتمنع من قيام الليل، وأخصها بالتأثير تناول

(^١) احتقب الإثم: ارتكبه. المعجم الوسيط (١/ ١٨٧). (^٢) قيل لابن مسعود ﵁: ما نستطيع قيام الليل؟ قال: أقعدتكم ذنوبكم. وقال الفضيل بن عياض: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم كبَّلتك خطيئتك. لطائف المعارف، لابن رجب (ص: ٤٣).

1 / 220