وهي الفتوة. فقال تعالى: ﴿قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم﴾ . سماه فتىً لأنه خلى له في نفسه وأهله وماله وولده، ووهب الكل لمن له الكل، وخلى من الكون وما فيه لما تسمى بالفتوة، وسمي به، وأخبر بعد ذلك تعالى عن خواص أوليائه بهذا الاسم. فقال: ﴿إنهم فتية آمنوا بربهم﴾، بلا واسطة ولا استدلال، بل آمنوا به له، فأكرموا بزيادة هدى حتى قاموا إلى بساط القرب، ﴿[فـ] قالوا ربنا رب السموات والأرض﴾، فألبسهم الحق خلعه، من خلعة وآواهم إلى كريم رعايته، وصرفهم في لطائف تقليبه، فقال: ﴿ونقلبهم ذات اليمن وذات الشمال﴾ . كذا من لزم طريق الفتوة كان في رعاية الحق، ولحياته وتوليته وحياطته.
سألت -أكرمك الله لمرضاته- عن الفتوة. فاعلم أن الفتوة هي الموافقة وحسن الطاعة، وترك كل مذموم، وملازمة مكارم الأخلاق ومحاسنها، ظاهرًا وباطنًا وسرًا وعلنًا، وكل حال من الأحوال، ووقت من الأوقات يطالبك بنوع من الفتوة فلا يخلو حال من الأحوال عن الفتوة. فتوة تستعملها مع ربك تعالى، وفتوة تستعملها مع نبيك ﷺ، وفتوة مع الصحابة، وفتوة مع السلف
1 / 5