209

يقال له عوام والآخر يقال له زهير ابنا عبد شمس[ (1) ]، قال: فحملا عليه وحمل عليهما فجاولهما في ميدان الحرب ساعة ثم داخله زهير فطاعنه، فطعنه طعنة أثخنه منها، حتى كاد رستم أن يسقط عن فرسه، ثم جال زهير في ميدان الحرب ساعة وهو يرتجز ويقول:

أنا زهير وابن عبد شمس # طعنت ذا التاج رئيس الفرس

رستم ذا الثروة والدمقس # فقد شفيت اليوم منه نفس

قال: وجعل رستم يجول في ميدان الحرب فمرة يحمل على زهير ومرة يحمل على عوام. قال: ونظر إلى ذلك رجل من المسلمين يقال له جابر بن طارق النخعي، فخرج إلى زهير والعوام ليعينهما على رستم، قال: ونظر رستم إلى جابر بن طارق فحمل عليه، وصاح زهير بجابر بن طارق: إلي إلي يا ابن عم!لا تنفرد لهذا الكلب فيقتلك، قال: وجعل رستم يجول على هؤلاء الثلاثة في ميدان الحرب، فكلما حمل على واحد حمل عليه اثنان. قال: ثم اعتوره زهير والعوام وحمل عليه جابر بن طارق النخعي فضربه ضربة على تاجه فقد التاج وهامته فخر رستم صريعا، ثم نزلوا إليه فسلبوه، وكانت قيمة سلبه ألف دينار، وأنشأ جابر بن طارق يقول في ذلك-شعر:

دعاني زهير والفوارس ترتمي # إلي إلي يا ابن عم فهل ترى

فقلت له لبيك عند دعائه # أتيتك أني قاصد دونك العرى

بنفسي أني لا أبالي بحتفها # بنفسك فاقصد عامدا حيث انتهى

واضربه بالسيف قمة رأسه # فخر صريعا في العجاجة قد هوى[ (2) ]

فغادرته عيدا لطير سواغب # وجالت بنا خيل وذو الغدر قد مضى

فذاك رئيس الفرس رستم سل به # زهيرا وعواما وجابر ذا النهى

قال: فبينما المسلمون كذلك في أشد ما يكون من الحرب وذلك في وقت العصر إذا هم بكتيبة للفرس جامة حسناء قد خرجت إليهم، فكأن الناس هالتهم تلك [ (1) ]أشرنا سابقا إلى رواية اليعقوبي 2/145 أن فيمن قتل رستم يوم القادسية زهير بن عبد شمس وهو ابن أخي جرير بن عبد الله (انظر صفحة 169 حاشية رقم 1) .

[ (2) ]العجاجة: الغبار.

Halaman 213