عيسى ما هو ؟ فمن ناظر فيه من حيث صورته الإنسانية البشرية فيقول هو ابن مريم 4 ومن ناظر فيه من حيث الصورة الممثلة البشرية فينسبه(1) لجبريل ومن ناظر فيه من حيث ما ظهر عنه من إحياء الموتى فينسبه إلى الله بالروحية فيقول روح الله ، أي به ظهرت الحياة فيمن نفخ فيه . فتارة يكون الحق فيه متوهما - اسم مفعول - وتارة يكون الملك: فيه متوهما ؛ وتارة تكون البشرية(2) الإنسانية(3) فيه متوهمة : فيكون عند كل ناظر بحسب ما يغلب عليه .
فهو كلمة الله وهو روح الله وهو عبد الله ، وليس ذلك في الصورة الحسية لغيره بل كل شخص منسوب إلى أبيه الصوري لا إلى النافخ روحه في الصورةالبشرية فإن الله إذا سوى الجسم الإنساني كما قال تعالى "فإذا سويته" نفخ فيه هو تعالى من روحه (59-1) فنسب الروح في كونه وعينه إليه تعالى . وعيسى ليس كذلك ، فإنه اندرجت تسوية جسمه وصورته البشرية بالنفخ الروحي وغيره كما ذكرناه لم يكن مثله . فالموجودات كلها كلمات الله التي لا تنفد(4) فإنها عن "كن" ، وكن كلمة الله . فهل تنسب الكلمة إليه بحسب ما هو عليه فلا تعلم ماهيتها ، أو ينزل هو تعالى إلى صورة من يقول وكن" فيكون قول كن حقيقة لتلك الصورة التي نزل إليها وظهر فيها؟ فبعض العارفين يذهب إلى الطرف الواحد ، وبعضهم(5) إلى الطرف الآخر ، وبعضهم يحار في الأمر ولا يدري . وهذه مسألة لا يمكن أن تعرف إلا ذوقا كأبي يزيد(6) حين نفخ في النملة التي قتلها فحييت فعلم عند ذلك بمن ينفخ فنفخ فكان عيسوي المشهد وأما الإحياء المعنوي بالعلم فتلك الحياة الإلهية الدائمة(7) العلية النورية التي
Halaman 142