كونه لم يسمع ولم ير فليس بمصل أصلا ، ولا هو ممن ألقى السمع وهو شهيد .
وما ثم عبادة تمنع من التصرف في غيرها - ما دامت - سوى الصلاة و ذكر الله فيها أكبر ما فيها لما تشتمل عليه من أقوال وأفعال - وقد ذكرنا صفة الرجل الكامل في الصلاة في الفتوحات المكية كيف يكون (1) - لأن الله تعالى يقول " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" ، لأنه شرع للمصلي ألا يتصرف في غير هذه العبادة (2) ما دام فيها ويقال له مصل . " ولذكر الله أكبر " يعني فيها : أي الذكر الذي يكون من الله لعبده حين يجيبه في سؤاله .
والثناء عليه أكبر من ذكر العبد ربه فيها ، لأن الكبرياء لله تعالى . ولذلك قال: والله يعلم ما تصنعون " وقال " أو ألقى السمع وهو شهيد * . فإلقاؤه السمع هو ما يكون من ذكر الله إياه فيها. ومن ذلك أن الوجود لما كان عن حركة معقولة نقلت العالم من العدم إلى الوجود عمت الصلاة جميع الحركات وهي ثلاث : حركة مستقيمة وهي حال قيام المصلي ، وحركة أفقية وهي حال ركوع المصلي وحركة منكوسة وهي حال (3) سجوده. فحركة الإنسان مستقيمة ، وحركة الحيوان أفقية ، وحركة النبات منكوسة ، وليس للجماد حركة من ذاته : فإذا تحرك حجر فإنما يتحرك بغيره. وأما قوله " وجعلت قرة عيني في الصلاة - ولم (4) ينسب الجعل إلى نفسه - فإن تجلي الحق للمصلي إنما هو راجع إليه تعالى لا إلى المصلي : فإنه لو لم يذكر هذه الصفة (108 -1) عن نفسه لأمره بالصلاة على غير تجل منه له فلما كان منه ذلك بطريق الامتنان كانت المشاهدة بطريق الامتنان فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة وليس إلا مشاهدة المحبوب
Halaman 224