164

Fusus Al-Hikam

فصوص الحكم

Genre-genre

فان له حدأ يقف عنده إذا جاوزه(1) صاحب الكشف واليقين . ولهذا جاء موسى في الجواب(2) بما يقبله الموقن والعاقل خاصة . " فألقى عصاه : ، وهي صورة ما عصى به فرعون موسى في إبائه عن إجابة دعوته، "فإذا هي ثعبان مبين " أي حية ظاهرة . فانقلبت المعصية التي هي السيئة طاعة (99_ ب) أي حسنة كما قال "يبدل الله سيئاتهم حسنات " يعني في الحكم. فظهر الحكم هنا عينا متميزة في جوهر واحد. فهي العصا وهي الحية والثعبان الظاهر ، فالتقم أمثاله من الحيات من كونها حية والعصي من كونها عصا . فظهرت(3) حجة موسى على حجج فرعون في صورة عصي وحيات وحبال ، فكانت للسحرة الحبال (4) ولم يكن لموسى حبل . والحبل التل الصغير : أي مقاديرهم بالنسبة إلى قدر موسى بمنزلة الحبال من الجبال الشامخة . فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم ، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر : وإن كان من مقدور البشر فلا يكون إلا ممن له تميز (5) في العلم المحقق عن التخيل والإيهام . فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون : أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون. ولما كان فرعون في منصب التحكم صاحب الوقت ، وأنه الخليفة بالسيف - وإن جار في العرف الناموسي - لذلك قال " أنا ربكم الأعلى " : أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما(6) فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم . ولما علمت السحرة صدقه في مقاله لم ينكروه وأقروا له بذلك (100-1) فقالوا له : إنما تقضي هذه الحياة الدنيا

Halaman 210