إن بصره من أبصارنا نعم العوض، وإنك لواجد في بصره كل الغرض. الطفل إن لم يعمل يديه ورجليه، لا مركب له إلا عنق أبويه. فإذا صار فضوليا يعمل الرجل واليد، وقع في عناء دائم وكبد. كانت الأرواح قبل الجوارح طاهرة، من الوفاء إلى الصفاء طائرة.
فلما صارت «بأمر اهبطوا» مقيده، صارت في حبس الحرص والغم والكدح مصفدة.
6
نحن رضع وعيال للإله، قال الرسول الخلق عيال الله. إن الذي ينزل المطر بحكمته، قادر على أن يرزق الخبز برحمته.
الأسد :
أجل! ولكن رب العباد، وضع لنا مرقاة للإصعاد. فلنصعد الدرجات حتى الذروة، فما الجبر هنا إلا بله وغفلة. إن لك رجلا فكيف تتظالع؟ وإن لك يدا فلماذا تخفي الأصابع؟ إذا أعطى السيد الفأس عبده، فقد أبان بغير لسان قصده. فاليد كالفأس إشارته، والتفكير في العاقبة عبارته. وإذا أدركت روحك إشاراته، بذلت الروح في بلوغ غاياته. تكشف لك إشاراته الأسرار، وتيسر أمورك وترفع الأوزار. فتجعلك - وأنت الحامل - محمولا، وتردك - وأنت القابل - مقبولا. بينما تقبل أمره إذا أنت القائل، وبينما تبغي وصله تصير الواصل. السعي شكر لنعمة القدرة، والجبرية جحد بهذه النعمة. إن شكر القدرة يزيد قدرتك، والجبر يسلب من يدك نعمتك. الجبر نوم في المحجة؛ لا تنم ، ما لم تر الباب والسدة لا تنم.
7
إياك والنوم أيها الجبري المحتقر، إلا في ظل ذلك المثمر من الشجر.
لتهز الريح الأغصان كل لحظة، فيساقط عليك النقل والزاد كل لمحة. الجبر نوم بين قطاع الطرق، أينجو الطائر بغير جناح يخفق. وإن شمخت على إشاراته بأنفك، فقد جهلت ولم تعرف قدرك. وما أوتيت من العقل يذهب، وما الرأس بلا عقل إلا ذنب. إن كفر النعمة (شؤم وشنار)، يذهب بالجاحد إلى قعر النار. إن كنت متوكلا فاعمل، ازرع وعلى الجبار توكل.
8
Halaman tidak diketahui