Bab-Bab Dari Falsafah Cina
فصول من الفلسفة الصينية: مع النص الكامل لكتاب الحوار لكونفوشيوس وكتاب منشيوس
Genre-genre
ويقول تشوانغ تزو في موضع آخر: «في السماء حركة دائبة وفي الأرض ثبات. هل يتنازع القمر والشمس فلكيهما؟ من يحكم فوق هذه الأمور ويعمل على تنظيمها؟ من يحافظ على اتساقها وتناغمها؟ انظر إلى السحب كيف تغدق مطرها، وإلى ماء المطر كيف يرتفع ثانية ويغدو سحابا. من يحرك السحب لتعطي خيرها؟ ومن بدون جهد ابتدر هذا ويعمل على دوامه؟ رياح تهب من الجهات الأربع، أية أنفاس تحركها، ومن بدون جهد ينظم هبوبها؟ ما هي العلة؟»
إن ما يريد تشوانغ تزو قوله من وراء أسئلة العارف هذه هو أنه لا وجود لعلة خارجية لكل ما عدده من مظاهر حركية في الكون والطبيعة؛ لأن ظهور الكون وصيرورته يتبعان مبدأ نشوء الكائنات المتعضية، حيث تنبثق الفعالية الخلاقة من الداخل لا من الخارج، على غرار ما يحدث في نمو نبتة أو تفتح زهرة. من هنا فإن الفكر التاوي، والصيني عموما، لا يطرح سؤالا جديا حول من خلق العالم والكيفية التي ظهر بها؛ لأنه لو كان العالم قد خلق لكان له صانع صنع أجزاءه ثم ركبها، أما وأنه قد نما انطلاقا من مبدأ كلي يمكن تشبيهه بالقانون الأزلي، فإن السؤال عن صانعه يغدو بلا معنى.
إن كل عناصر الكون الذي يشبه العضوية الحية تتبادل الأثر والتأثير في سلسلة مترابطة لا تعرف العلة والمعلول، حيث التاو هو الخميرة الفاعلة في الباطن، والعمليات الجارية في العالم المادي هي الظاهر؛ فالتاو هو الباطن والظاهر، تجده في كل شيء، وهو المستقل عن كل شيء، على ما تنطوي عليه هذه المحاورة التي يوردها تشوانغ تزو في كتابه: «توجه المعلم الكونفوشي تونغ كاو إلى تشوانغ تزو بالسؤال قائلا: أين يوجد ذلك الذي تدعونه بالتاو؟ أجابه تشوانغ تزو: إنه في كل مكان. فقال تونغ كاو: أريد أن أعرف أين يوجد بالتحديد. أجابه تشوانغ تزو: إنه في النملة. فقال تونغ كاو: كيف يوجد في هذه الدرجة السفلى!؟ فقال تشوانغ تزو: إنه في بلاطة الأرض هذه. فقال تونغ كاو: هذا لعمري أدهى وأمر. فقال تشوانغ تزو: بل إنه يوجد حتى في روث البقر. وهنا سكت تونغ كاو وخانته الكلمات، فتابع تشوانغ تزو قائلا: عليك ألا تسأل عن أشياء محددة يوجد فيها التاو؛ لأنه لا وجود لأي شيء بدون التاو.»
ولعل أفضل ما نقرب به مفهوم التاو إلى الأذهان هو تشبيهه بالقوانين التي تحكم العالم الفيزيائي في علومنا الحديثة؛ فهذه القوانين التي اكتشفها العلم الحديث داخل المخابر وفي المنظومة الشمسية، هي قوانين فاعلة في جميع أرجاء الكون، وتتمتع بالخصائص التالية: (1)
الشمولية. فهي تسري في كل مكان وعبر كل الأزمنة من تاريخ الكون. (2)
الثبات. فهي لا تتغير بمرور الزمن، ولا تعتمد في فعاليتها على أي شيء آخر، بينما تعتمد عليها كل المنظومات الفزيائية. (3)
السرمدية. أي إنها لا زمانية على ما يتبدى من البنى الرياضية المستخدمة في وضع نماذج للعالم الفيزيائي. (4)
كلية السيطرة. فلا شيء يفلت من سيطرتها، ولا تحتاج لأن تزودها أي منظومة فيزيائية عن التغير في أحوالها لكي يقوم القانون بإصدار التعليمات الخاصة بكل حالة.
ومع وجود القوانين لا يغدو حدوث العالم معجزة؛ فقد كانت حاضرة لحظة الانفجار البدئي الكبير الذي نجم الكون عنه، وهي التي تحكمت في تشكل المجرات وتباعدها عن نقطة الانفجار بسرعات محسوبة بدقة، بحيث لو أنها كانت أقل أو أكثر بمقدار بسيط لا يمكن التعبير عنه إلا برقم رياضي متناه في الصغر؛ لانهار الكون وتحول إلى فوضى مطلقة. قد يجادل البعض في أن القوانين الطبيعية ظهرت مع ظهور العالم الفيزيائي، ولكن إذا كان الأمر كذلك فإننا لا نستطيع تفسير ظهور العالم بواسطة القوانين؛ لأنها لا تتمتع في هذه الحالة بوجود سابق على ظهور العالم، وبالتالي لا يمكن أن تكون سببا له. أما إذا كان للقوانين وجود مستقل وسابق، فإن ذلك يشرح لماذا صار العالم على ما هو عليه الآن.
إن كل عنصر في هذا الكون يبدو وكأنه نقطة المركز، تماما كما هو الحال على سطح كرة حيث تتخذ كل نقطة عليه دور المركز. وفي هذا الكون لا يوجد مسير ولا يوجد مسير؛ فهو كون تشاركي يحدث كل شيء فيه في ترابط وتزامن مع حدوث كل شيء آخر. إن أية نملة تدب على الأرض هي مركز الكون؛ فلكي تعيش هذه النملة تحتاج إلى التقاط ما يتساقط على التربة من حبوب، والحبوب تحتاج إلى التربة وإلى دورة الفصول، ودورة الفصول تحتاج إلى الشمس، والشمس إلى المجرة، والمجرة إلى باقي النظام الكوني، والعكس صحيح؛ فمنذ اللحظة الأولى للانفجار الكبير يبدو أن تنامي التعقيد على المستوى الكوني كان يسير في طريق إنتاج الحياة، وبالتالي إلى إنتاج هذه النملة.
Halaman tidak diketahui