Bab-Bab Dari Falsafah Cina
فصول من الفلسفة الصينية: مع النص الكامل لكتاب الحوار لكونفوشيوس وكتاب منشيوس
Genre-genre
تمتع مو تزو في زمنه بشهرة لا تقل عن شهرة كونفوشيوس، ولكن الاختلاف بين هاتين الشخصيتين كان كبيرا حقا؛ فقد تمتع كونفوشيوس بكل صفات «الجنتلمان» الصيني الذي تسلسل من أصل نبيل، وبالتالي فقد كان لديه تعاطف مع المؤسسات التقليدية، وتقدير لقواعد الأدب والمعاملات، وميل إلى الآداب والفنون الراقية. أما مو تزو فقد خرج من عامة الشعب، وبالتالي فقد كان ناقدا للمؤسسات التقليدية، ولأدب الأرستقراطية وفنونها وطقوسها، وللفلسفة التي تسوغها؛ لأن العامة لم يكن لديهم الوقت ولا التعليم ولا المال اللازم للاستمتاع بما يستمتع به الأرستقراطيون.
يرجح الباحثون في سيرته أنه كان ينتمي إلى شريحة «الفرسان الجوالين» الذين شكلت أخلاقهم وثقافتهم خلفيته الفكرية. وقد كان هؤلاء خلال القرون الأولى لحكم أسرة تشو (وقبل أن يتحولوا إلى جوالين) عبارة عن أرستقراطية عسكرية تؤلف عماد الفرق العسكرية المقاتلة، وبعد ذلك صاروا يختارون من عامة الناس. وعندما بدأ النظام الإقطاعي بالتفكك فقد هؤلاء وظائفهم وألقابهم، وتحولوا إلى فرسان جوالين يقدمون خدماتهم لمن يطلبها لقاء أجر. وتصفهم السجلات التاريخية بأنهم صادقون في كلامهم، ومخلصون في عملهم، وموفون بعهودهم، ومسارعون إلى نجدة المستجير. وكان لهم تنظيمات عسكرية تقوم على الانضباط الصارم والطاعة العمياء للرئيس الذي كان له سلطة الحياة والموت على أتباعه.
كانت المدرسة التي أسسها مو تزو بمثابة امتداد لأخلاقيات هذه الشريحة العسكرية؛ فقد كان لديه نحو 200 من التلاميذ أو الأتباع تلقوا العلم على يديه، وفرض عليهم نظاما صارما في الحياة، فكان عليهم ارتداء ملابس عادية مما يلبسه العمال الزراعيون، وتناول وجبة واحدة في اليوم قوامها حساء الخضار، وكان بمقدوره أن يأمرهم باقتحام النار أو السير فوق حد السكاكين. كما استمرت سلطته عليهم حتى بعد خروجهم إلى الحياة العملية واستلامهم وظائف إدارية، غير أن مو تزو وجماعته اختلفوا عن بقية جماعات الفرسان الجوالين في ناحيتين؛ الأولى: هي أن الجوالين العاديين كانوا مستعدين لخوض أية حرب طالما أنهم يقبضون أجرهم، أما مو تزو وجماعته فقد عارضوا الحروب العدوانية ووقفوا إلى جانب الحروب العادلة، وكانوا على استعداد لتقديم العون إلى الدولة المستضعفة في حال تعرضها لعدوان دولة قوية. والناحية الثانية: هي أن مو تزو وضع الأسس النظرية لأخلاقيات الفرسان وصار معلما لمدرسة فلسفية جديدة.
يقال إن مو تزو تلقى العلم في البداية على يد بعض الكونفوشيين، ولكنه شعر بعد ذلك بأن الكونفوشية لم تصل إلى جذور المشاكل التي تتسبب في شقاء الناس وإنما زادتها حدة، فانشق عنها. ولربما فسر لنا هذا مشاركته للكونفوشية في بعض أفكارها؛ فقد تحدث عن «الطريق» أو «صراط حق» الذي تحدث عنه كونفوشيوس، كما قال بضرورة حصول الحاكم على ثقة الشعب كشرط لاستمراره في الحكم، وتعيينه لأصحاب الكفاءة والفضيلة في المناصب الحكومية بصرف النظر عن منبتهم الطبقي، ورفض مثلما رفض كونفوشيوس الحروب العدوانية التي تشنها بعض الدول الكبرى بغرض التوسع، ووجه اهتمامه في التكتيك العسكري نحو الحروب الدفاعية؛ ولهذا نجد في كتابه فصولا يشرح فيها كيفية تحصين أسوار وبوابات المدينة، وبناء أدوات صد الهجوم، والدفاع ضد الأنفاق وسلالم التسلق، وما إلى ذلك من متطلبات الحرب الدفاعية.
غير أن خلاف مو تزو مع الكونفوشية كان أكبر من أن تلطفه مثل هذه التوافقات. وقد نالت الممارسات والأفكار الكونفوشية التالية جل نقده: (1)
فقد اعترض على الجنازات الباهظة التكاليف التي كانت شائعة في زمنه بتشجيع الكونفوشيين الذين رأوا فيها تعبيرا عن بر الوالدين. ومن أقواله في ذلك: إن جنازة الشخص العادي قد تستنزف مدخرات أسرته، أما جنازة أمير الدولة فقد تفرغ خزينتها. وكان كونفوشيوس قد أوصى بالاعتدال في إقامة الجنازات، واستنكر الإسراف في المظاهر، ولكن بعض تلاميذه دافعوا عن الجنازات الفخمة، حتى إن بعض أتباعهم تخصصوا في ترتيب وخدمة الجنازات وصارت مصدر رزق لهم. (2)
كما اعترض على فترة الحداد الطويلة على وفاة الوالدين، والتي كانت تدوم ثلاثة أعوام في ذلك العصر، يمتنع خلالها الابن الأكبر عن ممارسة أي نشاط عملي، ويهجر بيته ليأوي إلى كوخ متواضع يعيش فيه حياة زهد وتنسك، عازفا عن كل متع الحياة بما في ذلك ممارسة الجنس. أما حاكم الدولة فيتنازل عن الحكم لكبير وزرائه، ويتبع الأسلوب نفسه في الحداد. وقد كان لكونفوشيوس مواقف مؤيدة لهذا التقليد، وقدم له المبررات التي ساعدت على استمراره، أما مو تزو فقد رأى فيه هدرا لطاقة الأفراد، وإفقارا للمجتمع الذي يخسر عمل المنقطعين عن الإنتاج، وإقلالا من عدد السكان بسبب العفة الجنسية التي يلتزمها هؤلاء. كما رأى فيه تهديدا لنظام الحكم بسبب عزوف الحاكم عن مسئولياته. (3)
لم ير مو تزو في الفنون الراقية التي شجعها الكونفوشيون سوى فنون مبتذلة ولا منفعة من ورائها للمجتمع ولا ثروة للأمة، بل على العكس؛ لأن الاهتمام بها مضيعة لوقت الناس والحكام، ويدفعهم إلى إهمال أعمالهم. (4)
يقول الكونفوشيوس بأن على المرء أن يعمل بدافع الواجب الخلقي لا بدافع المنفعة؛ أي أن يفعل ما هو صواب لأنه صواب فقط. أما مو تزو فيطابق بين المصلحة والمنفعة، ويرى أن كل ما هو نافع صالح، وكل ما هو صالح نافع. (5)
يؤمن الكونفوشيون بالقدر، وبأن ما يأتي به محتوم ولا يمكن تفاديه، وهذا يؤدي برأي مو تزو إلى تقاعس الأفراد وتسليم أمورهم للقدر طالما أننا لا نستطيع له ردا. (6)
Halaman tidak diketahui